أما أبناء ابن حفصون فقد كانوا يحكمون مدناً وحصوناً بتفويض من والدهم وبإقرار من الأمير عبد الرحمن لهم على تلك المناطق، فكان جعفر في قلعة ببشتر نيابة عن والده، وعبد الرحمن في حصن طرش، وسليمان في مدينة أبذة (?)، ثم حصن أشتبين (?). ولم يطل العهد بجعفر فقتل سنة 308 هـ. على يد جماعة من أنصاره الذين ولوا سليمان مكانه (?). ولكن سليمان ما لبث أن غلبه الغرور فمارس دور أبيه في مقارعة السلطة المركزية معتمداً على حصانة مدينة ببشتر (?). فقضي عليه سنة 314 هـ (?) واستسلم أخوه حفص في سنة 315 هـ، بعد أن اجتاحت قوات الدولة القلعة وما يحيط بها من مواقع حصينة (?)، بقيت ما يقارب خمسين سنة " مثل جدار حديدي تتكسر عليه محاولات السلطة العديدة " (?).

ولم يتمثل خطر هذا التمرد بطول مدته فقط بل بتهديداته المستمرة لسلطة الأمراء الأمويين في الأندلس، وبطموح عمر بن حفصون لنيل إمارة الأندلس، وبتعصب المولدين والمستعمرين له مما يجعل نجاحه ليس تغيراً في شخصية الأمير فقط " بل انقلاباً كاملاً وتغييراً في جنسية الحكم ودين الحاكمين، ولعل في طريقة معاملة الأمير عبد الرحمن الثالث للعصاة في حركة ابن حفصون مما يدل على شعوره بمدى هذا الخطر، فبينما كان مصير العصاة الآخرين بعد استنزالهم من حصونهم تسجيلهم في الملاحق وإعطائهم المناصب العالية، نرى سليمان بن عمر بن حفصون يمثل به بعد مقتله في المعركة ... وفي الإجراءات التي اتخذها عبد الرحمن أثر سقوط ببشتر ما يدل على نفس الشعور (?).

وعلى الرغم من انشغال الأمير عبد الرحمن باجتثاث شأفة أبناء عمر بن حفصون فإنه لم يغفل أمر الخارجين في أنحاء البلاد من الأندلس، فقد كانت قواته تقاتل في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015