الضربة التي أنزلت بزعيم المتمردين، باعتبار أن هذه الحصون كانت تدور في فلكه وتدين له بالطاعة والولاء (?).

بيد أن هذه الحملة لم تكن إلا بداية الصراع المرير مع هذه العناصر التي كانت تجعل من الظروف السياسية في البلاد باباً تنفذ منه تارة موالية وموادعة وتارة أخرى عاصية ومتمردة فقد اعتادت هذه العناصر على الرضوخ وقبول شروط الدولة حين تجد قوات الدولة قادرة على الردع بما يفوق قدراتها على الصمود، وكانت ترتد مع بداية كل اختلال سياسي يصيب الدولة العربية في الأندلس، لا بل كان التمرد يسود بعض المناطق حال انسحاب القوات الحكومية عن أحوازها.

وهكذا فلم تمض أشهر قلائل على الحملة الأولى حتى بدأ المتمردون سيرتهم الأولى، يعدون عدة الثأر يشاركهم في ذلك زعماء الأقاليم والمدن من الذين وجدوا في مشاريع الأمير عبد الرحمن ما يهدد كيانهم ونفوذهم بالزوال.

ففي إشبيلية قام بنو حجاج، وكانوا قد استقلوا بها بزعامة إبراهيم بن حجاج وبوفاته انتقلت الزعامة إلى ولده عبد الرحمن الذي أناب عنه أخاه محمداً في حكم قرمونة الموالية لهم، ولكن بوفاة عبد الرحمن سنة 301 هـ. نصب أهل إشبيلية أحمد بن مسلمة (من بني الحجاج أيضاً) حاكماً عليهم دون محمد بن إبراهيم الذي يعدّ هو أحق من أحمد بن مسلمة بحكم المدينة، فما كان من الأخير إلا الالتجاء إلى الأمير عبد الرحمن طالباً العون في استخلاص المدينة من قريبه المذكور، وهكذا كانت الظروف عاملاً في عودة مدينة إشبيلية في جمادى الأولى سنة 301 هـ إلى حظيرة الدولة بعد أن تم تجريد العناصر القوية فيها من سلطاتها (?). وكانت السيطرة على هذه المدينة من أهم المؤشرات الإيجابية التي انعكست على نظام الأمير عبد الرحمن فأعطته دعامة وقوة في المسيرة التي استهدفت إعادة توحيد البلاد (?). ولعل المدخل إلى تحقيق تلك الوحدة كان يتطلب القضاء على زعيم العصاة عمر بن حفصون الذي ما زال يسيطر على مناطق واسعة من البلاد تمتد ما بين " كورة رية والجزيرة الخضراء من جهة، والبيرة وأحواز قرطبة من جهة أخرى " (?). وأيقن عبد الرحمن أن القضاء على هذا التمرد سوى يؤدي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015