عاشوا مع العرب في الأندلس، ساهموا أيضاً في نقل الحضارة العربية الإسلامية إلى إسبانيا النصرانية، لأن هؤلاء المستعربين بحكم معرفتهم للغتين العربية والإسبانية القديمة كانوا ينتقلون بحرية من أراضي الأندلس إلى الإمارات الإسبانية. وهكذا انتقلت العلوم والفلسفة وكثير من مظاهر الحياة العامة الإسلامية إلى الشمال.

وبالإضافة إلى انتقال هذه التأثيرات، فقد انتقلت أيضاً كثير من التنظيمات القانونية والحربية من الأندلس إلى الإمارات الإسبانية وهذا يوضح لماذا اضطر الإسبان إلى الإبقاء على التنظيمات القائمة في المناطق المسكونة بالمسلمين والتي أعادوا السيطرة عليها. بينما وضعوا أنظمة أخرى لتنظيم الحياة لرعاياهم في هذه المناطق (?).

ومن التأثيرات الأخرى التي تبودلت بين الطرفين، التأثيرات اللغوية، فلقد كانت المصطلحات العربية شائعة في كل من ليون وقشتالة ونافار، وبقية المناطق الأخرى في الشمال. كما دخل في اللغة الرومانسية Romance، وهي اللغة الإسبانية القديمة الناتجة من اللهجة اللاتينية - الآيبيرية، التي كانت في طور التكوين في ذلك الوقت، الكثير من الكلمات والمصطلحات العربية. وكان هناك الكثير من العرب الذي يفهمون هذه اللغة ويتكلمون بها، وبشكل خاص في مناطق الثغور والحدود. وتوجد في مصادرنا العربية إشارات واضحة تدل على أن الأمراء والقضاة وكبار القوم والشعراء كانوا يتكلمون هذه اللغة الإسبانية القديمة أو الرومانسية إلى جانب اللغة العربية، وذلك على كل مستويات المجتمع وحتى في قصور الأمراء الأندلسيين (?). وفي الوقت نفسه كان هناك العديد من الإسبان الذين لهم إلمام ومعرفة باللغة العربية.

ويبدو الأثر العميق الذي مارسته الثقافة العربية الأندلسية على السكان الإسبان في كل شبه الجزيرة الآيبيرية من ملاحظة الاستعارات اللغوية التي أخذتها اللغة الإسبانية من اللغة العربية. فلقد وجدت اللغة الإسبانية نفسها، كما يقول المستشرق الفرنسي ليفي بروفنسال (?)، " مضطرة طيلة مرحلة نموها، وحتى القرن الحادي عشر الميلادي (السابع الهجري)، على الأقل، أن تأخذ من العربية كل ما ينقصها حتى ذلك الوقت للتعبير عن المفاهيم الجديدة وبخاصة في مضمار المؤسسات والحياة الخاصة ". وهناك أمثلة لا حصر لها تشمل مئات عديدة من الكلمات والمفردات ذات الأصل العربي في مجال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015