التنظيم المدني أو العسكري لدى إسبانيا في العصور الوسطى أو في العصر الحديث.

يضاف إلى ذلك مصطلحات أخرى تشمل أسماء الأمكنة والأنهار والظواهر الجغرافية، وطرق وأساليب الري، وأسماء الفاكهة والأزهار والألوان والملابس (?). وتعد هذه الاستعارات اللغوية أفضل من جميع الوثائق التاريخية لأنها تبرز الإشعاع الحضاري الحقيقي الذي سلطته الأندلس على إسبانيا المسيحية. وهي أكثر من جميع الأدلة إفصاحاً على سيادة العرب الثقافية، سيادة لا جدال فيها عمت شمال شبه الجزيرة الآيبيرية (?).

ولم يقتصر أثر العرب الحضاري على الإمارات الإسبانية في الشمال على النواحي الثقافية واللغوية حسب، بل شمل مجالات أخرى، منها الفنون، وخاصة فن العمارة والبناء الذي نقله المدجنون، وظهر في إسبانيا منذ بداية القرن التاسع الميلادي/الثالث الهجري، وظل فيها بصورة نهائية تقريباً (?). ويتميز هذا الفن، وبشكل خاص في الكنائس، بوجود القباب التي ترتفع فوق أقواس على شكل حدوة حصان. ومن جملة الأبنية الأخرى غير الدينية التي تأثرت بالفن العربي، الجسور والأقنية المائية المعلقة، ونواعير المياه وغيرها. كذلك يظهر تأثير المسلمين على إسبانيا في تطور الفنون الأخرى الصغرى، مثل صناعة العاج، والمصنوعات الذهبية والزجاجية والخزفية والتطريز. وظلت هذه الصناعات مستمرة في المدن التي استعادها الإسبان وإلى وقت لاحق بعد عصر الإمارة، بل حتى خروج العرب من الأندلس. وذلك لأن إشعاع الحضارة الأندلسية الذي بلغ أقصى اندفاعه في القرن العاشر الميلادي/الرابع الهجري، لم يتلاشى بل امتد حتى سقوط الأندلس شاملاً جميع أجزاء شبه الجزيرة. ولم يقف ملوك وأمراء الإسبان ضد هذا التيار، بل شجعوه، وتبنوا هم أنفسهم شتى المبتكرات المستقاة من مظاهر الحضارة العربية الإسلامية المجاورة. وإن قيام بعض ملوك الإسبان في وقت لاحق بضرب عملاتهم وهي تتضمن وجهين، عربياً وقشتالياً، وارتدائهم الملابس على الطريقة الإسلامية، ليدل على مدى العمق الذي تغلغلت فيه الحضارة العربية الإسلامية في نفوس الإسبان وعلى أعلى المستويات (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015