الطعام أثناء المسير، حيث أنهم لم يجدوا في طريقهم سوى بعض النباتات التي كانت تنمو في فصل الربيع على الطريق بين إشبيلية وقرطبة (?).

انتظر الفريقان ثلاثة أيام حتى ينخفض مستوى ماء النهر - من يوم الاثنين السادس من ذي الحجة إلى الخميس التاسع منه عام 138هـ/الحادي عشر إلى الرابع عشر من أيار 756 م. وفي هذه المدة كان عبد الرحمن يركز انتباهه على أمرين: الأول، هو إنهاء الترتيبات الخاصة بتنظيم قواته وتعيين القادة على الفرق العسكرية المختلفة التي يتألف منها جيشه، والأمر الآخر هو مشكلة عبور النهر دون التعرض إلى خطر الهجوم من قبل الجيش المعادي في الطرف الآخر. فعين عبد الرحمن بن نعيم الكلبي على الخيالة من أهل الشام، وبلوهة اللخمي على المشاة من اليمنيين. وأقام على مشاة بني أمية والبربر عاصم بن مسلم الثقفي، الذي بلغ من حماسه للقتال أن خلع سراويله للعبور والخوض في النهر، فسمي لذلك بالعريان. وجعل على خيل بني أمية حبيب بن عبد الملك القرشي، كما أعطى قيادة فرسان البربر إلى إبراهيم بن شجرة البرنسي، وأخيراً عهد بلواء الجيش كله إلى أحد زعماء الموالي، وهو أبو عثمان عبيد الله بن عثمان.

وبالنسبة للمشكلة الثانية، فقد شرع عبد الرحمن في الاتصال بيوسف الفهري وإجراء مفاوضات تمويهية معه بشأن التوصل إلى حل سلمي بين الطرفين. فأرسل عبد الرحمن وفداً إلى يوسف ينبئه بقبول شروطه السابقة، ورجاه ألا يعارض في عبوره هو وجنده إلى الجانب الآخر من النهر ليكون الطرفان جنباً إلى جنب تسهيلاً للمفاوضات. وقد جازت هذه الحيلة على يوسف، فلم يعترض على عبور جيش عبد الرحمن، بل بادر أيضاً بإرسال الغنم والبقر إليهم لإطعامهم. وهكذا قضى جنود الجيشين ليلتهم لا يشكّون بتمام الصلح بين الطرفين. ولكن مفاوضات عبد الرحمن مع يوسف لم تكن سوى وسيلة لتمكينه من العبور بسلام. وما أن تحقق له هذا الهدف، حتى هاجم في صباح اليوم التالي الباكر (الجمعة العاشر من ذي الحجة 138 هـ/الخامس عشر من أيار 756 م) جيش يوسف على حين غرة، واضطره للقتال دون استعداد وتنظيم كاملين. فتولى أمر المشاة على الفور ثلاثة من القادة، وهم كنانة بن كنانة، وجوشن بن الصميل، وعبد الله بن يوسف الفهري. أما خيالة أهل الشام فأعطيت قيادتها إلى علي بن عبيد الكلابي، وقد تزعم أحد موالي يوسف، واسمه خالد سَوْدي، قيادة موالي يوسف وحلفائه من البربر (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015