الصباح يحيى اليحصبي، وحيوة بن ملامس الحضرمي، حيث أقسموا له يمين الطاعة والولاء (?). ولقد ازدادت قوات عبد الرحمن بمن انضم إليه من اليمنيين والبربر، فأصبحت تتألف من نحو ثلاثة آلاف فارس وعدد كبير من المشاة. وفي هذه الأثناء أراد يوسف والصميل أن يهاجما عبد الرحمن وهو في جند حمص، فسارا بمؤيديهما من جندي قنسرين والبيرة. ولكن ما إن سمع عبد الرحمن بهذا حتى غادر إشبيلية متوجهاً إلى قرطبة بغية الاستيلاء عليها بشكل مفاجئ. ولما أدرك يوسف والصميل، اللذان كانا يسيران بمحاذاة الجانب الآخر لنهر الوادي الكبير، غرض عبد الرحمن، شرعا بالعودة فوراً إلى قرطبة. وهكذا تقابل الجيشان وجهاً لوجه لا يفصلهما سوى نهر الوادي الكبير. كان للأجناد الثلاثة المرافقة لعبد الرحمن، أي الأردن وفلسطين وحمص، ألويتها الخاصة، بينما لم يكن للأمير الأموي علم خاص، لهذا فقد بادر أبو الصباح اليحصبي وعقد له لواء بسيطاً يتألف من عمامة مثبتة على رمح. وحدث هذا في إقليم طشانة Tocina في كورة إشبيلية، بالقرب من بلدة نوبة البحريين، التي كان يسكنها بنو بحر الذين ينتمون إلى قبيلة لخم (?).
معركة المصارة ودخول عبد الرحمن قرطبة:
كانت مياه نهر الوادي الكبير في أقصى ارتفاعها في ذلك الوقت، ولهذا فقد كان من المستحيل على الجيشين عبور النهر. ولكن عبد الرحمن كان متلهفاً لدخول قرطبة ليحصل على تأييد موالي بني أمية الموجودين في المدينة، لذلك عمد إلى إيقاد النار في معسكره ليوهم يوسف أنه مقيم، ثم حاول تحت جنح الظلام أن يسير ويسبق يوسف إلى قرطبة. وكادت خطته أن تنجح لولا تنبه يوسف وصاحبه الصميل لرحيله المفاجئ، فأسرعا عائدين لإنقاذ المدينة. فابتدأ السباق بين الجيشين للوصول إلى قرطبة؛ فكلما سار عبد الرحمن سار يوسف، وكلما عسكر أحد الجيشين، عسكر الآخر في الجهة المقابلة من النهر. وأخيراً توقف جيش يوسف عند المصارة صلى الله عليه وسلمlmazara بالقرب من قرطبة مواجهاً لمنافسه عبد الرحمن الذي فشل في دخول المدينة. وقد أدى هذا الفشل إلى استياء في جيش عبد الرحمن، وبشكل خاص بين الرعاع من هؤلاء، الذين كانوا يأملون في دخول العاصمة والتمتع بخيراتها تعويضاً عما لاقوه من صعوبات وقلة في