بالمؤيدين والأنصار من كل مكان. وعندما علم يوسف الفهري بوصول عبد الرحمن، كتب إلى عامله على البيرة، يأمره بالقبض على الداخل، ولكن عامل البيرة أجاب أنه من الصعب تنفيذ هذا الأمر، نظراً لأن عبد الرحمن كان محمياً من قبل مواليه وعدد كبير آخر من المؤيدين. وقد علم موالي بني أمية بهذه المراسلات، فأخفوا عبد الرحمن في المناطق الجبلية المجاورة. وفي الوقت نفسه حاولوا تضليل يوسف الفهري، فكتبوا إليه بأن عبد الرحمن لم يعبر إلى الأندلس طمعاً بالملك والولاية، كما يظن الأمير يوسف، بل جاء يطلب الثراء والأمان بين مواليه. وفي رواية أخرى أن عامل البيرة هاجم فعلاً عبد الرحمن وحماته، لكنه هُزم ولم يتمكن من إلقاء القبض عليه. وقد أعلم يوسف بهذا، وبكل الموقف المتعلق بنزول عبد الرحمن إلى الأندلس، من قبل رسول أرسلته زوجته أم عثمان من قرطبة. وقد وصل هذا الرسول إلى يوسف حينما كان عائداً بجيشه من سرقسطة، بعد أن قضى على التمرد وأعدم قادته هناك. وقد نصح الصميل يوسف بوجوب التوجه فوراً لملاقاة عبد الرحمن. وكان يوسف يرغب فعلاً في هذا، ولكن هذه الأنباء انتشرت بسرعة بين صفوف الجيش، وسببت قلقاً عظيماً في المعسكر. لا سيما وأن الكثيرين من أتباع يوسف كانوا متعبين من أثر حملة كانوا قد قاموا بها على بلاد البشكنس أو الباسك، كما كان البعض منهم ساخطين على يوسف والصميل لقتلهما الزعماء القرشيين المتمردين في سرقسطة. ومن هنا، فقد رفض جنود يوسف الشروع في حملة جديدة، وغادروا معسكره، ولم يبقى معه من أجناد اليمن سوى عشرة رجال. أما بقية الجيش الذي يضم الشاميين في جندي جيان والبيرة، فقد ظلوا لكنهم كانوا قد ملوا السفر، ولهذا حاولوا تهوين الأمر على يوسف وإقناعه بالمضي إلى قرطبة أولاً. لكن الصميل أصر على رأيه الأول في مهاجمة عبد الرحمن بأسرع ما يمكن، فتوجه الجيش لهذا الغرض، ولكن حلول الشتاء وهطول الأمطار وفيضان الأنهار، جعل من المتعذر الاستمرار بالحملة، لذلك أمر يوسف جنده بالرجوع إلى قرطبة (?).
ويذكر أن الذي شجع يوسف على العودة إلى قرطبة ما ترامى إلى سمعه من أن عبد الرحمن لم يدخل طمعاً بالإمارة، بل لالتماس العيش بها، ومن هنا فمن الممكن أن تنفع المفاوضة معه بدلاً من القتال. فأرسل إليه وفداً يضم ثلاثة أعضاء، ويحمل هدايا نفيسة تتضمن ملابس وخدماً وحيوانات للركوب وألف دينار. وكانت لدى الوفد تعليمات بعرض الثروة والزواج من إحدى بنات يوسف بن عبد الرحمن، فيما إذا كف