واختلف فيها، ومن الأفضل الانتهاء إلى معد، والإمساك عما وراء ذلك إلى إسماعيل".
والواقع أننا إذا رجعنا إلى أسماء الآباء والأجداد الذين تعاقبوا من إسماعيل إلى معد نلاحظ أنها كلها أعجمية؛ مما يدل على أنها قد أخذت من أهل الكتاب اليهود وكانت من وحيهم، بينما نجد أن الأسماء التي تسلسلت بعد معد كلها أسماء عربية خالصة. لذلك فإننا وبعض الباحثين المحدثين على وفاق بأن الأنساب العربية في تقسيماتها المتأخرة، اعتبارًا من معد نزولًا، قد تكون مما يوحي بالثقة والاطمئنان إلى حدٍّ ما.
وقد تصدى بعض المستشرقين إلى انتقاد نظرية الأنساب بدعوى أنها قد لفقت في العهد الأموي، عندما انقسمت القبائل العربية في تنازعها إلى يمنية ومضرية. والواقع أن الدوافع السياسية قد حملت السلطة الحاكمة في العهد السفياني من الخلافة الأموية إلى سلوك هذا السبيل، ولكن في نطاق ضيق اقتصر على بعض قبائل من قضاعة.
كما رأى بعضهم الآخر أن نظرية الأنساب العربية مخالفة للحقائق الثابتة علميًّا؛ ذلك أن سلاسل الأنساب العربية تعتمد على النظام الأبوي، بينما أثبتت الحقائق العلمية أن هذا النظام لم يعرف في شبه الجزيرة العربية إلا بعد أن مر العرب في دور النظام التوتمي1 الذي يجعل النسب في الأمهات، شأنهم في ذلك كشأن سائر المجتمعات القديمة, وأن العرب -عدا ذلك- قد مروا في أطوار كان الزواج فيها يتبع طرقًا أخرى غير التي عرفت في العصر الحاضر؛ إذ كان هنالك ما يسمى بالزواج الموقت الذي لا يدوم أحيانا أكثر من بضعة أسابيع، أو أن المرأة كانت تتزوج عدة رجال في وقت واحد، بحيث لا يمكن معرفة من هو الوالد الحقيقي للطفل المولود في كلا نوعي الزواج. وهكذا فإن الانتساب في كلتا حالتي التوتمية وطرق الزواج القديمة يكون إلى الأم لا إلى الأب.
ويبدو أن هذا النقد ليس له قيمة كبيرة؛ لأن النظام التوتمي والزواج الموقت وزواج