المرأة بعدة أزواج معًا قد اندثرت في شبه جزيرة العرب بانتهاء عصور ما قبل التاريخ، فتجاوز العرب هذه المرحلة إلى نظام الأبوة.
غير أن ما ذكره المستشرقون من مرور شبه الجزيرة بالنظام التوتمي ربما يكون قد ترك أثره في تسمية القبائل بأسماء تمت بصلة إلى الرموز التوتمية. ذلك أننا نلمس في أسماء بعض القبائل العربية بعض ما يدل على ذلك، مثال قبائل: كلب، أسد, نمر، نمير، فهد، ليث, وغيرها. والواقع أن ثمة قبائل ترجع أنسابها إلى آباء وأجداد، تنتمي إليهم وتفاخر بهم، وليس من الضروري أن يكون هؤلاء آباء وأجدادًا عاشوا وماتوا، بل قد يكون أحدهم اسم مدينة أو قرية أو أرض أو صنم أو حيوان أو نبات. نجد مثلا في كتب أنساب العرب أسماء لآباء وأجداد أو قبائل ما ليست في الواقع إلا أسماء لمواضع وأمكنة مثل: سبأ، غسان، عمان، حضرموت, وغير ذلك من الأسماء التي أصبحت بمرور الزمن أسماء رجال جعلهم النسابون ينسلون وتصبح لهم ذرارٍ وقبائل وبطون1.
وأخيرًا هناك الانتقاد المهم الذي وجهه العلماء لنظرية الأنساب أن المحالفات والمؤاخاة ورابطة الجوار قد تؤدي إلى نشوء أنساب مشتركة هي في الأصل غير مشتركة, فإذا انفصمت عرا التحالف أو انقلب حسن الجوار إلى عداء تنفصم على أثره رابطة النسب، وتتكون رابطة نسب جديدة. وإذا علمنا أن القبائل العربية كانت في نزاع دائم فيما بينها، وأن كل فريق من الفرقاء المتحاربين كان يلجأ إلى عقد المحالفات ليواجه بها أحلافًا تعقد في الجانب الآخر، وأن هذه المحالفات قد تنقلب أحيانا فتخرج منها بعض القبائل لتنضم إلى الجهة المقابلة، أدركنا احتمال ما يطرأ من التغيير على أنساب القبائل. هذا إلى أن القبائل المتحدة قد تنسى أسماءها الأصلية وشخصيتها بمرور الزمن وتعاقب الأجيال وتندمج في اسم القبيلة الأقوى التي تنضوي إليها، فيزعم أفراد القبائل المندمجة فيما بعد أنهم ينحدرون من أب واحد أو جد واحد، بينما يكونون في الواقع منحدرين من آباء وأجداد متعددين ومختلفين2.