للحجاج الخبز واللحم1, والخبز والسمن والسويق والتمر، ويؤمن لهم الماء، والماء يومئذ قليل. فأكسبته هذه الفعال نفوذًا وجاهًا بين قبائل العرب، الأمر الذي جر عليه حسد ابن أخيه أمية بن عبد شمس إذ نافره وفاخره وطالب بالتحكيم بينهما، فكره هاشم أن ينافر ابن أخيه. لكن قريشًا أكرهته على ذلك، وكانت المنافرة على خمسين ناقة تنحر ببطن مكة، والجلاء عن مكة عشر سنين. وجُعل كاهن من خزاعة حكمًا بينهما، فنفَّر هاشما على ابن أخيه، فأخذ هاشم الإبل وأطعمها من حضر، وخرج أمية إلى الشام فأقام بها عشر سنين، ويقال: إن هذه كانت أول عداوة وقعت بين بني هاشم وبني أمية2. إنما قد تكون هذه القصة موضوعة لتعليل خصام بني هاشم وبني أمية بعد الإسلام. ويروى عن هاشم أنه أول من نظم رحلتي الشتاء والصيف فجعلهما منتظمتين "لا تختلفان ولا تتخلفان" بعد أن كانتا قبل ذلك غير منتظمتين تمامًا، وقد نشطت التجارة في عهده، وازدهرت مكة ازدهارًا عظيمًا.
وفي حوالي 510م خرج هاشم في رحلة تجارية إلى الشام، فمات في غزة عن أربعة أولاد، وكان أخوه المطلب بن عبد مناف أكبر منه ومن عبد شمس، وكان شريفا في قومه مطاعا, سيدا، وكانت قريش تسميه الفيض لسماحته، فولي بعده السقاية والرفادة. وقد احتضن المطلب ابنا صغيرا لأخيه هاشم يسمى "شيبة" حتى كبر واشتد عوده، وهو الذي عرف باسم "عبد المطلب"3. وبعد أن توفي المطلب في أثناء تجارة له إلى اليمن، ولي عبد المطلب بن هاشم بعده الرفادة والسقاية، وكان الهم الشاغل له أن يستجيب للحلم الذي كان يراود أفكار القرشيين في حفر بئر زمزم، التي كانت جرهم قد ردمتها في أثناء انسحابها من مكة، نكايةً بخزاعة لتفسد عليها أمر السقاية، فضاعت معالمها، كما تقول