بالجيش، ذكر أنه كان يراسل ابنتك ويواصلها، وهو قائل في ذلك أشعارا يشهرها بها بين العرب فيفضحها ويفضحك"1. فبعث القيصر إليه بحلة وشي منسوجة بالذهب مسمومة، بعد أن خرج بالجيش، فلما لبسها تسمم جسمه وتقرح فسمي بـ "ذي القروح" وكان ذلك سبب وفاته. وفي شعر امرئ القيس إشارة إلى ذلك وإلى الطماح الذي يقال: إنه وشى به:

وبدلت قرحًا داميًا بعد صحة ... فيا لك من نعمى تحولن أبؤسا

لقد طمح الطماح من بعد أرضه ... ليلبسني من دائه ما تلبسا

فلو أنها نفس تموت جميعة2 ... ولكنها نفس تساقط أنفسا

غير أن مثل هذه الروايات لا يمكن الوثوق بصحتها؛ إذ ليس لها من مستند ترتكز عليه، لا سيما وأن في القصيدة التي يذكر فيها الطماح بيتًا من الشعر يدل على أنه كان مصابا بداء قديم، ربما كان الجدري أو داء آخر ينتج عنه قروح في الجلد، قد كان ينتابه بين حين وآخر حتى فتك به في النهاية:

تأوبني دائي القديم فغلسا ... أحاذر أن يرتد دائي فأنكسا

وبموت امرئ القيس اضمحلت مملكة كندة، وامَّحى أثرها، وحلت محلها دولة المناذرة في النفوذ على القبائل التي كانت تابعة لها، حتى إذا تضعضعت هذه الدولة إثر موقعة ذي قار، استقلت القبائل في شئونها الداخلية.

وبعد لا بد من كلمة حول قصة الوفاء التي نسبت إلى السموأل بن عادياء الذي أودع امرؤ القيس عنده دروعه وأمواله. فقد روي أن الملك الغساني الحارث بن أبي شمر، قد أرسل إلى السموأل يطلب منه تسليم الدروع والأموال، فأبى من تسليمها بالرغم من تهديد رسل الملك بقتل ولده إن لم يسلمها، وكانت تضحيته بولده مثالًا للوفاء عند العرب. ويختلف المؤرخون فيما إذا كان السموأل يهوديا أو نصرانيا أمه من غسان, وقد نسبه بعضهم إلى آل غسان, قال ابن دريد: إنه من غسان، لكنه ذكر أيضا أنه يهودي، بينما نسبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015