إن دخلتم أنتم الجنة إن بقي فِيمَا بين سفوان إِلَى أقصى حجر من أرض خُرَاسَان مجوسي ينكح أمه وابنته وأخته إلا دخلها، قَالَ لَهُ عبيدة: اسكت يَا فاسق فإنما أنت عبد للجبار العنيد، ووزير للظالم الكفور، قَالَ: يَا فاسق، وأنت عدو المؤمن التقي، ووزير الشَّيْطَان الرجيم، فَقَالَ الناس لابن ظبيان: وفقك الله يا بن ظبيان، فقد وَاللَّهِ أجبت الفاسق بجوابه، وصدقته فلما أصبح الناس أخرجهم المهلب عَلَى تعبيتهم وأخماسهم، ومواقفهم الأزد، وتميم ميمنة الناس، وبكر بن وائل وعبد القيس ميسرة الناس، وأهل العالية فِي القلب وسط الناس.
وخرجت الخوارج عَلَى ميمنتهم عبيدة بن هلال اليشكري، وعلى ميسرتهم الزُّبَيْر بن الماحوز، وجاءوا وهم أحسن عدة، وأكرم خيولا، وأكثر سلاحا من أهل الْبَصْرَة، وَذَلِكَ لأنهم مخروا الأرض وجردوها، وأكلوا مَا بين كَرْمَان إِلَى الأهواز، فجاءوا عَلَيْهِم مغافر تضرب إِلَى صدورهم، وعليهم دروع يسحبونها، وسوق من زرد يشدونها بكلاليب الحديد إِلَى مناطقهم، فالتقى الناس فاقتتلوا كأشد القتال، فصبر بعضهم عامة النهار ثُمَّ إن الخوارج شدت عَلَى الناس بأجمعها شدة منكرة، فأجفل الناس وانصاعوا منهزمين لا تلوى أم عَلَى ولد حَتَّى بلغ الْبَصْرَة هزيمة الناس، وخافوا السباء، وأسرع المهلب حَتَّى سبقهم إِلَى مكان يفاع فِي جانب عن سنن المنهزمين.
ثُمَّ إنه نادى الناس: إلي إلي عباد اللَّه، فثاب إِلَيْهِ جماعة من قومه، وثابت إِلَيْهِ سرية عمان فاجتمع إِلَيْهِ مِنْهُمْ نحو من ثلاثة آلاف، فلما نظر إِلَى من قَدِ اجتمع رضي جماعتهم، فحمد اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ، فإن اللَّه ربما يكل الجمع الكثير إِلَى أنفسهم فيهزمون، وينزل النصر عَلَى الجمع اليسير فيظهرون، ولعمري مَا بكم الآن من قلة، إني لجماعتكم لراض، وإنكم لأنتم أهل الصبر، وفرسان أهل المصر، وما أحب أن أحدا ممن انهزم معكم، فإنهم لو كَانُوا فيكم مَا زادوكم إلا خبالا عزمت عَلَى كل امرئ مِنْكُمْ لما أخذ عشرة أحجار مَعَهُ، ثُمَّ امشوا بنا نحو