من منازل الأهواز يقال لَهُ سلى وسلبرى، فأقاموا بِهِ، ولما بلغ حَارِثَة بن بدر الغداني أن المهلب قَدْ أمر عَلَى قتال الأزارقة، قَالَ لمن مَعَهُ مِنَ النَّاسِ:
كرنبوا ودولبوا ... وحيث شئتم فاذهبوا
قَدْ أمر المهلب.
فأقبل من كَانَ مَعَهُ نحو الْبَصْرَة، فصرفهم الْحَارِث بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ إِلَى المهلب، ولما نزل المهلب بالقوم خندق عَلَيْهِ، ووضع المسالح، وأذكى العيون، وأقام الأحراس، ولم يزل الجند عَلَى مصافهم، والناس عَلَى راياتهم وأخماسهم، وأبواب الخنادق عَلَيْهَا رجال موكلون بها، فكانت الخوارج إذا أرادوا ابيات المهلب ووجدوا أمرا محكما، فرجعوا، فلم يقاتلهم إنسان قط كَانَ أشد عَلَيْهِم وَلا أغيظ لقلوبهم مِنْهُ.
قَالَ أَبُو مخنف: فَحَدَّثَنِي يُوسُف بن يَزِيدَ، عن عَبْد اللَّهِ بن عوف بن الأحمر، أن رجلا كَانَ فِي تِلَكَ الخوارج حدثه ان الخوارج بعثت عبيده ابن هلال وَالزُّبَيْر بن الماحوز فِي خيلين عظيمين ليلا إِلَى عسكر المهلب، فَجَاءَ الزُّبَيْر من جانبه الأيمن، وجاء عبيدة من جانبه الأيسر، ثُمَّ كبروا وصاحوا بِالنَّاسِ، فوجدوهم عَلَى تعبيتهم ومصافهم حذرين مغذين، فلم يصيبوا للقوم غرة، ولم يظفروا مِنْهُمْ بشيء، فلما ذهبوا ليرجعوا ناداهم عُبَيْد اللَّهِ ابن زياد بن ظبيان فَقَالَ:
وجدتمونا وقرا أنجادا ... لا كشفا خورا وَلا أوغادا
هيهات! إنا إذا صيح بنا أتينا، يَا أهل النار، أَلا ابكروا إِلَيْهَا غدا، فإنها مأواكم ومثواكم، قَالُوا: يَا فاسق، وهل تدخر النار إلا لك ولأشباهك! إنها أعدت للكافرين وأنت مِنْهُمْ، قَالَ: أتسمعون! كل مملوك لي حر