عسكرهم، فإنهم الآن آمنون، وَقَدْ خرجت خيلهم في طلب إخوانكم، فو الله انى لأرجو الا ترجع إِلَيْهِم خيلهم حَتَّى تستبيحوا عسكرهم، وتقتلوا أميرهم ففعلوا، ثُمَّ أقبل بهم راجعا، فلا وَاللَّهِ مَا شعرت الخوارج إلا بالمهلب يضاربهم بالمسلمين فِي جانب عسكرهم ثُمَّ استقبلوا عُبَيْد اللَّهِ بن الماحوز وأَصْحَابه، وعليهم الدروع والسلاح كاملا، فأخذ الرجل من أَصْحَاب المهلب يستقبل الرجل مِنْهُمْ، فيستعرض وجهه بالحجارة فيرميه حَتَّى يثخنه، ثُمَّ يطعنه بعد ذَلِكَ برمحه، أو يضربه بسيفه، فلم يقاتلهم إلا ساعة حَتَّى قتل عبيد الله ابن الماحوز، وضرب اللَّه وجوه أَصْحَابه، وأخذ المهلب عسكر القوم وما فِيهِ، وقتل الأزارقة قتلا ذريعا، وأقبل من كَانَ فِي طلب أهل الْبَصْرَة مِنْهُمْ راجعا، وَقَدْ وضع لَهُمُ المهلب خيلا ورجالا في الطريق تختطفهم وتقتلهم، فانكفئوا راجعين مفلولين، مقتولين محروبين، مغلوبين، فارتفعوا إِلَى كَرْمَان وجانب أصفهان، وأقام المهلب بالأهواز، ففي ذَلِكَ الْيَوْم يقول الصلتان العبدي:
بسلى وسلبرى مصارع فتية ... كرام وقتلى لم توسد خدودها
وانصرفت الخوارج حين انصرفت، وإن أَصْحَاب النيران الخمس والست ليجتمعون عَلَى النار الواحدة من الفلول وقلة العدد، حَتَّى جاءتهم مادة لَهُمْ من قبل البحرين، فخرجوا نحو كَرْمَان وأصبهان، فأقام المهلب بالأهواز فلم يزل ذَلِكَ مكانه حَتَّى جَاءَ مصعب الْبَصْرَة، وعزل الْحَارِث بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ عنها ولما ظهر المهلب عَلَى الأزارقة كتب:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ للأمير الْحَارِث بن عَبْدِ اللَّهِ، من المهلب بن أبي صفرة سلام عَلَيْك، فإني أحمد إليك اللَّه الَّذِي لا إله إلا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ فالحمد لِلَّهِ الَّذِي نصر أَمِير الْمُؤْمِنِينَ، وهزم الفاسقين، وأنزل بهم نقمته، وقتلهم كل قتلة، وشردهم كل مشرد أخبر الأمير أصلحه اللَّه أنا لقينا الأزارقة