ذَلِك وكتبت النمسا إِلَى وزارتي لوندره وباريس بِأَن طلبهما هَذَا مخل بسلم اوروبا وانهما لَو اصرا عَلَيْهِ تخرج من التَّحَالُف وَتحفظ لنَفسهَا حريَّة الْعَمَل فَلَمَّا علم الْبَاب العالي بذلك خَافَ من تفاقم الْخطب ورفض طلب حكومتي فرنسا وانكلترا وَطلب مِنْهُمَا ابعاد مراكبهما عَن مدْخل البوغاز فلهذه الاسباب وَعدم الِاتِّفَاق بَين وزراء الدول توقفت المخابرات إِلَى اوائل شهر رَجَب سنة 1255 سبتمبر سنة 1839 حَتَّى عرض اللورد بونسونبي سفير انكلترا على الْبَاب العالي ان دولته مستعدة لاكراه مُحَمَّد عَليّ باشا على رد الدونانمة التركية بِشَرْط ان يكون لَهَا حق ادخال مراكبها فِي خليج اسلامبول لصد الروسيا عِنْد الضَّرُورَة فَلَمَّا علمت بذلك حُكُومَة فرنسا ارسلت إِلَى الاميرال لالاند قَائِد اسطولها فِي مياه تركيا امرا بتاريخ 18 دسمبر سنة 1839 أَنه لَا يشْتَرك مَعَ مراكب انكلترا فِي أَي حَرَكَة عدوانية ضد حُكُومَة مُحَمَّد عَليّ باشا فَعلم الْكل أَنه لَا بُد من حُصُول خلاف بَين فرنسا وانكلترا بِخُصُوص الْمَسْأَلَة المصرية واخذت الدول حذرها مِمَّا عساه يحصل من الامور الَّتِي تنشأ بِسَبَب هَذَا الْخلاف فأعلنت النمسا بِأَنَّهَا لَا ترغب التَّدَاخُل لعدم نجاح طلبَهَا الْمُخْتَص بانعقاد مؤتمر دولي فِي فيينا اَوْ برلين واعلنت بروسيا والروسيا بِأَنَّهُمَا يقبلان كل مَا تقرره الدول فِي هَذَا الشَّأْن بِشَرْط ان يكون مُوَافقا لرغبة الْبَاب العالي وان يكون قبُوله لهَذَا الْقَرار صادرا عَن كَمَال الْحُرِّيَّة فَكَأَن الدول قبلت مَا اتّفقت عَلَيْهِ فرنسا وانكلترا بالاتحاد مَعَ الْبَاب العالي وَلَكِن لم يتم الِاتِّفَاق بَين هَاتين الدولتين لسعي انكلترا فِي ارجاع المصريين إِلَى حدودهم الاصلية وَعدم قبُول فرنسا ذَلِك ورغبتها فِي مساعدة مُحَمَّد عَليّ باشا وَذَلِكَ ان فرنسا كَانَت تود ان تكون ولايتا مصر وَالشَّام لَهُ ولذريته واقليما اطنه وطرسوس لَهُ مُدَّة حَيَاته واما انكلترا فَكَانَت لَا تُرِيدُ ان يعْطى الا ولَايَة مصر لَكِن رَغْبَة فِي ارضاء فرنسا قبلت ان يعْطى مُدَّة حَيَاته نصف بِلَاد الشَّام الجنوبي بِشَرْط ان لَا تكون مَدِينَة عكا من هَذَا النّصْف فرفضت فرنسا هَذَا الاقتراح وَقَالَت كَيفَ نحرمه من كل فتوحاته خُصُوصا بعد ان قهر الجيوش العثمانية فِي وَاقعَة نَصِيبين واننا لَو جردناه مِنْهَا لتركنا لَهُ بَابا للحرب مرّة اخرى وَهُوَ امْر لَا تكون عاقبته حَسَنَة لِأَنَّهُ يُوجب تدَاخل حُكُومَة الروسيا فِي امْر الدولة الْعلية بِمُقْتَضى