وارسلوها إِلَى الاستانة وَبِذَلِك انْتَهَت فتنته وعادت السكينَة إِلَى ربوع بِلَاد الارنؤد
قد علم الْمطَالع من سِيَاق هَذَا الْكتاب أَن الدولة الْعلية كَانَت كلما فتحت اقليما اكتفت من اهله بالخراج غير متعرضة لَهُم فِي دينهم أَو لغتهم أَو عوائدهم واظهرنا مضار هَذِه الطَّرِيقَة الَّتِي تحفظ بهَا كل امة لغتها ورابطها وعصبيتها حَتَّى إِذا ساعدتها الظروف نشطت من عقالها وَقَامَت من رقدتها طالبة نصِيبهَا من شمس الِاسْتِقْلَال المنعشة فَلَمَّا قَامَت الثورة الفرنساوية على دعائم الْحُرِّيَّة والمساواة والاخاء وانتشرت مبادئها فِي جَمِيع انحاء اوروبا الَّتِي وَطئهَا نابوليون بجيوشه تعدت مِنْهَا إِلَى غَيرهَا ووصلت فصائلها إِلَى بِلَاد اليونان فَوجدت من افكار وَالْبَاب سكانها مغرسا طيبا فَنمت واينعت وامتدت فروعها إِلَى سهلها وجبلها وَاجْتمعَ تَحت ظلها الوارف زعماء الامة اليونانية لكِنهمْ ايقنوا انهم لَا يقوون على طلب الِاسْتِقْلَال الا إِذا كَانَ من ابنائهم شُبَّان متعلمون يبثون المبادئ الجديدة بَين جَمِيع طَبَقَات الامة فيعلمون أَن لَهُم عقوقا يطالبون بهَا وواجبات يطالبهم الْغَيْر بهَا وَلذَلِك عمد اغنياؤهم إِلَى ارسال اولادهم إِلَى مدارس الممالك الاوروبية ليتحلوا بالعلوم والمعارف وليكونوا رُؤَسَاء الامة ودعاة حريتها فِي الْمُسْتَقْبل ثمَّ الفوا عدَّة جمعيات لنشر الْعلم بهَا بَين افراد الامة وَبث روح الوطنية بَينهم وشكلوا جمعيات اخرى سياسية مَحْضَة وَجعلُوا مراكزها فِي الروسيا والنمسا واهم هَذِه الجمعيات الجمعية السّريَّة الْمُسَمَّاة هيتيري وَقيل أَن تشكيلها كَانَ