وَبعد ذَلِك صَارَت الْحُكُومَة العوبة فِي ايدي الانكشارية ينصبون الوزراء ويعزلونهم بِحَسب اهوائهم فعزلوا دَاوُد باشا قَاتل السُّلْطَان بعد بضع ايام وصاروا يمنحون المناصب لمن يجزل اليهم العطايا فَكَانَت الْوَظَائِف تبَاع جهارا وارتكبوا انواع الْمَظَالِم فِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة وَلما بلغ خبر قتل السُّلْطَان إِلَى الْوُلَاة وانتشرت بَينهم اخبار الفوضى السائدة فِي الاستانة وسوس لَهُم ابليس الطمع فاطاعوه وسرى فِي عروقهم شَيْطَان الغواية فَاتَّبعُوهُ فاشهر وَالِي طرابلس الشَّام استقلاله وطرد الانكشارية من ولَايَته واقتفى اثره وَالِي ارضروم الْمَدْعُو اباظة باشا مُدعيًا انه يُرِيد الانتقام للمرحوم السُّلْطَان عُثْمَان شَهِيد الانكشارية وَسَار بِمن تبعه إِلَى سيواس وانقره ففتحهما مصادرا التزامات الانكشارية واقطاعاتهم قَاتلا كل من وَقع فِي مخالبه من هَذِه الفئة الَّتِي تلوثت بِدَم سلالة سلاطينهم وَتَبعهُ وَالِي سيواس وسنجق قره شهر ثمَّ سَار إِلَى مَدِينَة بورصه فحاصرها ودخلها بعد ثَلَاثَة اشهر الا قلعتها فَلم تسلم
واستمرت الاضطرابات الداخلية فِي نفس كرْسِي الْخلَافَة الْعُظْمَى وَلَا امن وَلَا سكينَة مُدَّة ثَمَانِيَة عشر شهرا مُتَوَالِيَة حَتَّى إِذا شعر الْعُمُوم بِمَا وَرَاء هَذِه الفوضى من الدمار والخراب وشبع الانكشارية نهبا وسلبا وقتلا فِي نفوس الاهالي واموالهم عينوا متن يدعى كمانكش على باشا صَدرا اعظم لتوسمهم فِيهِ الْخِبْرَة والاستعداد فاشار عَلَيْهِم بعزل السُّلْطَان مصطفى ثَانِيًا لضعف عزيمته ووهن قواه الْعَقْلِيَّة فعزلوه فِي 15 ذِي الْقعدَة سنة 1032 11 سبتمبر سنة 623 وولوا مَكَانَهُ السُّلْطَان مُرَاد الرَّابِع وَبَقِي فِي الْعَزْل إِلَى ان توفّي فِي غُضُون سنة 1049 هـ سنة 1639 م