النقص في صفوف قواته، طلب من عبد الله بن عباس استنفار أهل البصرة، لكن البصريين أحجموا عن تلتبية النداء على الرغم من أن اثنين من أهم أشرافهم هما الأحنف بن قيس، وجارية بن قدامة، وكلاهما من بني تميم، قد لبيا الدعوة ونفر معهما ثلاثة آلاف، ومائتا مقاتل1، وهي أعداد ضئيلة إذا ما قورنت بحجم المسجلين في ديوان أهل البصرة الذين بلغ تعدادهم ستين ألفًا سوى الأبناء، والعبيد والموالي2، مما يدل على أن عليًا قد فقد سلطته على البصرة، على الأقل فيما يختص بالجهاد معه.

أثار إحجام أهل البصرة غضب علي، فكتب إلى أهل الكوفة يستنهضهم، فالكوفة قاعدته، وأهلها شيعته، فوافاه "أربعون ألفًا، وسبعة عشر ألفًا من الأبناء ممن أدرك، وثمانية آلاف من مواليهم وعبيدهم ... "، فحشد جيشًا بلغ تعداده ثمانية وستين ألفًا ومائتي مقاتل، ومع ذلك فإن هناك شكًا في تجمع كبير كهذا في النخيلة، والمعروف أن عدد الذين خاضوا معركة النهروان بلغ أربعة عشر ألف مقاتل فقط3.

كانت وجهة علي بلاد الشام، غير أن تحركات الخوراج، والأعمال التي قاموا بها في العراق غيرت وجهة سيره نحو النهروان، ذلك أنهم لم يترددوا في استعمال القوة ضد كل من اعترض سبيل خروجهم من الكوفة4، كما قاتلوا عمال الولايات الذين اعترضوا اجتيازهم أراضي ولاياتهم5.

خلقت هذه الأعمال جوًا من الفوضى في الكوفة، والمناطق المحيطة بها، وأظهرت إصرار الحرورية على تنفيذ ما اعتزموا عليه من الخروج على سلطة الخليفة، ومع ذلك تؤكد روايات المصادر حرصهم على تجنب المواجهة، ورغبتهم في الالتحاق بأصحابهم المجتمعين في النهروان، معتقدين أنه لا ينبغي قتال علي ولا القتال معه، واستثنت هذه الروايات مقتل عبد الله بن خباب بن الأرت على أيديهم، والتي كانت السبب في اندلاع شرارة الحرب بين علي والخوارج6؛ لأن هؤلاء رفضوا تسليم القتلة إلى علي6.

وبلغ عليًا وهو يتهيأ للخروج إلى بلاد الشام مقال أتباعه "لو سار بنا إلى هذه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015