ودعي عدد من كبار الشخصيات الإسلامية لحضور المناظرة التي ستدور بين الرجلين، مثل: المغيرة بن شعبة، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، لكن غاب عن المؤتمر سعد بن أبي وقاص، وهو أحد أعضاء الشورى مع علي، والوحيد الذي كان لا يزال حيًا، كما غاب المحايدون الآخرون من ضمنهم أصدقاء عثمان، مثل: محمد بن مسلمة، وزيد بن ثابت وأسامة بن زيد1، ورفض علي القدوم بسبب ضرورة بقائه في العراق، وربما يكون معاوية

قد حضر المؤتمر.

وجرت مناظرة بين الرجلين تمحورت حول مسألتين:

الأولى: تتعلق بتحديد ما إذا كان عثمان قد قتل مظلومًا، وقد وافق أبو موسى ممثل علي على ذلك، واعترف بظلامة القتل، وأوضح عمرو على أحقية معاوية في المطالبة بدمه؛ لأنه وليه وقريبه، وقد وافق أبو موسى أيضًا على ذلك، واعترف أمام الجميع أن عثمان قتل مظلومًا، وأنه يجب قتل قتلته، وأكد أن معاوية هو من أوليائه، ومن حقه المطالبة بدمه ومعاقبة قتلته، وربما لم يكن يتوقع إسقاط هذا الأمر على مسألة الخلافة بعد ذلك2.

الثانية: تتعلق بالشخص المرشح للخلافة، فاقترح عمرو مبايعة معاوية بالخلافة، فهو من بيت شريف، وصحابي وختن رسول الله، وقريب عثمان، والمطالب بدمه، فرفض أبو موسى الاقتراح من واقع رفضه لفكرة الوراثة الأسرية، بالإضافة إلى أن انتخاب الخليفة لا يتم وفقًا للشرف الاجتماعي، بل إن معيار ذلك هو التقوى، والفضل: "فإني لم أكن لأليه معاوية، وأدع المهاجرين الأولين"3 مبديًا استعداده للخروج عن الخطط المحدد له، وذلك بدافع كره الفتنة،

وبالانسجام مع منطقه الخاص وموقفه السياسي وعلى الرغم من معارضته الضمنية لعلي، فإن ذلك لم يؤد به إلى إيثار معاوية عليه، أو اختياره بديلًا عنه، وفي ضوء هذا الموقف يمكن تفسير دعوته إلى إحياء اسم عمر بن الخطاب " ... ولكنك إن شئت أحيينا اسم عمر بن الخطاب"، ملمحًا إلى عبد الله بن عمر، الرجل الذي لم يشترك في الفتنة، فرفض عمرو ترشيح ابن عمر، وقدم ابنه عبد الله، فرد عليه أبو موسى بالرفض قائلًا: "إن ابنك رجل صدق، ولكنك قد غمسته في هذه الفتنة"4، وجدد اقتراحه بترشيح ابن عمر، ورفض عمرو مرة أخرى مثل هذا الترشيح بسبب عدم الأهلية، "إن هذا الأمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015