تتفاوت في درجة تقديرها لمصالحها، وفي نظرتها لقريش، ولسلطان المدينة، وفي تقييمها لأبعاد الصراع الذي تخوضه، بدليل أنها ظلت مثار شكوى على منذ انطلاقه لمواجهة معاوية وحتى مقتله1.

التعبئة البشرية في قوات معاوية:

وقفت القوى في بلاد الشام بأجمعها وراء معاوية، وساندته بكل قواها، ودعمته بشكل مطلق، وذلك بدافع:

- الشعور البدائي بعصبية الدم.

- الكبرياء والكراهية.

- عدم القبول بسيطرة أهل العراق.

شكلت هذه القوى تجمعًا مؤتلفًا نسبيًا، ووحدة إقليمية مماثلة لوحدة الكوفة وحدها أو البصرة وحدها، لكنها كانت متباعدة جغرافيًا، فقد أقام القيسيون في الجزيرة حول قرقيسياء، واتخذت الجماعات اليمنية الكبرى مكانًا لها، ومجالا حول حمص، واستوطنت قضاعة، لا سيما لخم وجذام، ساحل فلسطين والأردن، مع امتداد باتجاه الصحراء الشامية2، ومن محاسن هذا التبعثر أنه يستبعد الاحتكاكات القبلية، ويسمح بتعايش منسجم، لكنه بحاجة إلى قوة توحيدية ومطاعة، وبخاصة أن بلاد الشام كانت في وضع حدودي ودفاعي دائم بسبب التهديد البيزنطي المستمر، لذلك كانت هذه القوى في حال جهوزية دائمة، ومدربة على القتال، من هنا كان الشعور بالحرص على الأرض والدفاع عنها، والاستقرار والولاء الشديد للسلطة3.

كانت بلاد الشام مصونة من كل أشكال الاعتداءات الخارجية في ظل حكم معاوية، وآل الأمر بالشاميين إلى تكوين عالم خاص، ملك قائم بذاته، وليس مستغربًا أن تتوافق خصوصيتهم مع قضية الخليفة المقتول، وأن تعزز شعورًا قويًا لصالح البيت الأموي، في ميله الانتقامي لقتلة عثمان، وفي طموحه السياسي وفي رفضه القبول ببيعة علي، وكان ذلك يزداد بقدر ما كان يتراءى لهم أن عليًا أضحى رجل العراقيين4.

مرحلة الصدام العسكري:

بلغت معاوية أخبار استعدادات علي للمسير إليه، فجهز قواته البالغة ما بين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015