إلى المقام الأول، وكراهية على المتصلة بأحداث الماضي، فقد أدت دورًا ثانويًا1، مما دفع بعض المؤرخين إلى القول بأن آثار حديث الإفك تلقي بظلالها على هذا الموقف2.
والواقع أن حركة المعارضة لم تأخذ طابع العمل الجدي إلا بمجيء طلحة، والزبير إلى مكة حيث حرضا عائشة على النهوض لمحاربة الغوغاء، وأعلماها بأن عثمان قتل مظلومًا، وأن أكثر الناس لم يرض عن بيعة علي3، فاستجابت لهذا النداء دون أن تقف مجددًا على وجهة نظر الطرف الآخر، وهو علي، وشكلت معهما تحالفًا متينًا لا يقبل الانفكاك تحت شعار رفع الظلم الذي أحاق بالخليفة عثمان، ومعاقبة قتلته، وهو مطلب عامة المسلمين، ومن واقع أنها تملك سلطة تحكيمية، ووزنًا معنويصا كبيرًا، ستكون الناطقة باسم قوى التحالف، ومحور العمل، وسيقتصر دور طلحة، والزبير على قيادة الرجال وتنظيم القتال، وكان كافيًا أن يظهر هذا التحالف في مكان ما أمام المسلمين لكن يهزوا مشاعرهم، ويستقطبوهم، وأن يشكلوا قوة ضاربة4.
وسرعان ما استقطبت دعوة عائشة كل الذين كانوا يعارضون مقتل عثمان، أو يحاولون إسقاط علي، وبخاصة أفراد الأسرة الأموية، مثل عبد الله بن عامر الحضرمي والي مكة، ويعلى بن منبه والى اليمن السابق، والوليد بن عقبة ومروان بن الحكم، وسائر بني أمية، وقد أدوا دورًا تحريضيًا، وهو أول ما تكلمت به بنو أمية في الحجاز، ورفعوا أصواتهم4، ومولوا عائشة، وربما استغلوها لصالح قضيتهم دون وعي منها.
وهكذا فإن التحرك الذي حرضت عليه عائشة، واتخذ واجهته طلحة والزبير، فيما التمويل والتعبئة، تولى أمرهما بنو أمية5؛ تحول من مطلب عام، وهو المطالبة بدم عثمان، إلى مطلب خاص لصالح الأمويين.
وبدا واضحًا أن ملامح انتفاضة قرشية بدأت تتكون ضد علي في محاولة لإسقاطه، على أن هذه المواجهة، دخل فيها أيضًا صراع المصالح، إذ وجد الأنصار