مثل حسان بن ثابت، وكعب بن مالك، ومسلمة بن مخلد، وأبي سعيد الخدري، ومحمد بن مسلمة، والنعمان بن بشير، وزيد بن ثابت، ورافع بن خديج وغيرهم، وتردد الأمويون في البيعة، إذ رأوا في تولي علي الخلافة انتقالًا للسلطة من بني أمية إلى بني هاشم، ثم غادروا المدينة إلى مكة، مثل مروان بن الحكم، والوليد بن عتبة وسعيد بن العاص1، إنه موقف قبلي عشائري.

ويبدو أن المزاج العام السائد في الأمصار كان السبب الرئيسي في خلق هذه الأكثرية لصالح علي مما دفع أهل المدينة إلى مبايعته2، وتمت البيعة بعد خمسة أيام من مقتل عثمان، والواقع أن المفارقة المأساوية في حياة علي العامة هي أنه كان المرشح الأبرز، لكنه كان مع ذلك الخليفة الأكثر إنكارًا، والأشد محاربة3.

حاول علي أن يحيى من جديد نهج عمر، على الرغم من تغير الظروف الموضوعية واختلافها كثيرًا؛ لأنه كان يرى أنه الشكل التنظيمي السليم لأوضاع الأمة، وتطورها، وأمورها المصلحية، بالإضافة إلى القيم والمبادئ الدينية، والمعروف أن الرجلين كان يحملان الرؤية نفسها للعلاقة بين الإسلام كدين، وبين تنظيم معاملات الناس بموجب تعاليمه، وأدرك أن مهمته الأولى هي تنقية، وتصفية أجواء العلاقة بين الإدارة المركزية في المدينة، وبين الأمصار. ولتحقيق ذلك، كان عليه القيام بإزالة جميع الإحداثات التي أتى بها عثمان، والتي أدت إلى نهايته، وكان تنفيذها مقرونًا بتغييرات جذرية في أجهزة الحكم، وسياسة الدولة الإدارية والاقتصادية، وتشير الكثير من روايات المصادر إلى تحفظات علي على الكثير من إجراءات عثمان السياسية، والاقتصادية الجديدة؛ لأنه كان يرى فيها ابتعادًا عن نهج النبي وخليفتيه.

كان التغيير الأكثر إلحاحًا من وجهة نظر علي، هو إعادة النظر في الجهاز الإداري المسئول مباشرة، بوصفه الأداة التنفيذية للخلافة، وذلك من واقع تغيير العمال والموظفين، غير أن التصدي لرواسب النظام السابق كان يعني المواجهة مع قوى نافذة بلغت مبلغًا كبيرًا من القوة، بالإضافة إلى الاصطدام مع عدد من كبار الصحابة الذين وقفوا موقفًا سلبيًا، لذلك كان من الضروري أن يسبق هذا القرار بالتغيير اتخذا خطوات تمهد لتنفيذه من أجل تجنب إثارة المعترضين، وهذا ما أشار به عبد الله بن عباس، وهو الإبقاء على عمال عثمان، وبخاصة معاوية4، ونصحه المغيرة بن شعبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015