الاجتماعية الجديدة الأكثر اعتدالًا، والأقل تورطًا في القتل التي يمثلها الأشتر وأصحابه1.
واشترط علي على أهل المدينة أن تتم بيعتهم له عن عملية شورى يشترك فيها الصحابة من أهل الشورى، وأهل بدر وعامة الناس، وأن تكون علنية في المسجد2، وذلك حرصًا على جميع كافة المسلمين حوله، وهكذا بايعه من بايع من عامة المسلمين، وكبار الصحابة، ومن بينهم طلحة والزبير3، وذلك يوم الجمعة في "24 ذي الحجة 35هـ/ 23 حزيران 656م"4، من هنا لا يمكن القول بأن عليًا كان رجل الثائرين، والمنتخب منهم كما سيدعي خصومه، ومن جهة أخرى، فإنه قبل بالتولية في ظروف كهذه، وهذا يعني ضمنًا التسليم بالأمر الواقع، والتحول نسبيًا إلى رهين للثورة5.
الواضح أنه كانت هناك رغبة للعودة إلى النظام من قبل عامة المسلمين بالإضافة إلى الثائرين، لكن المعارضة السياسية لن تصدر عن علي ومن سانده، بل تحولت إلى الذين يريدون الرد على مقتل عثمان، إذا وجدت فئة من كبار الصحابة ستتراجع عن بيعتها بحجة أنها جاءت تحت ظروف قاهرة، إما تحت تهديد السلاح من قبل أهل الأمصار، أو طوعًا انجرارًا مع العامة، أو خوفًا من بطش الغوغاء، وستنخرط في الحرب الأهلية، مثل مثل الزبير وطلحة6.
ويبدو أن الذين استعدوا عليًا تحركوا من خلال دافعين:
الأول: هو افتقارهم إلى دور الشريك في السلطة، وما يترتب على ذلك من تهديد لمصالحهم الحيوية.
الثاني: هو الخوف على امتيازات لم يعد من السهولة التخلي عنها، والعودة إلى نهج عمر الصارم والمتشدد7.
لكن عليًا أضحى الخليفة الشرعي للمسلمين؛ لأن وجوه الصحابة، والمسلمين من المهاجرين، والأنصار قد بايعوه، وهم أهل الحل والعقد، وإن لم يتوفر لبيعته إجماع كالبيعات الثلاث السابقة، فقد ظل معاوية خارج إطار المبايعة، واعتزل سعد بن أبي وقاص ولم يبايع، كما رفض عدد من الصحابة مبايعته انطلاقًا من كونهم عثمانيين،