من فيه من المقاتلة بوصفه مال المسلمين، في حين الخليفة يعده مال الله، أي مال الدولة، فضجوا بالشكوى من عثمان وعماله1، ولعل في مطالبة وفود مصر التي استقرت في المدينة دليلًا واضحًا على ذلك "نريد ألا يأخذ أهل المدينة عطاء، فإنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم2".

موقف عثمان من بيت المال:

تتباين روايات المصادر حول تصرف عثمان في أموال بيت مال المسلمين، وذلك من خلال ميول أصحابها المذهبية والسياسية، وتقييمهم لنهج عثمان على ضوء ذلك، فقد انتقد اليعقوبي أعمال عثمان ونهجه، في حين أبرز البلاذري الانتقادات التي وجهت إلى عثمان، ونحا الطبري منحى آخر دافع فيه أحيانًا عن أعمال عثمان.

والراجح أن عثمان بوصفه خليفة للمسلمين، وإمامًا لهم، كانت له وجهة نظر خاصة، من واقع وظيفته القيادية، تعطيه الحق في حرية التصرف في بيت المال ضمن حدود المصلحة العامة.

يروي البلاذري أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح، أخا عثمان في الرضاعة وعامله على المغرب، غزا إفريقية في عام "27هـ/ 648م"، ففتحها وأصاب فيها غنائم كثيرة، وكان معه مروان بن الحكم، فكتب إليه يأمره بتقديم خمس غنائم إفريقية إلى مروان، وكانت قيمتها مائة إلى مائتي ألف دينار، فوهبها له فأنكر الناس ذلك على عثمان3.

ويستنتج من رواية الطبري لهذا الحدث أن والي مصر عمرو بن العاص هو الذي منح أمير جيشه عبد الله بن سعد بن أبي سرح خمس خمس غنائم إفريقية تنفيذًا لوعد قطعه، الأمر الذي أثار سخط المسلمين، فأرسلوا إلى عمرو بن العاص وفدًا طالبه بعزل أميرهم، واسترجاع ما استولى عليه من أموال، فوافق على ذلك4.

وأثار الطبري الشك في صحة رواية الواقدي التي تحدثت عن تقديم عثمان إلى مروان بن الحكم ثلاثمائة قنطار ذهب، كان قد صالح عليها عبد الله بن سعد بن أبي سرح زعماء إفريقية، "فأمر بها عثمان لآل الحكم، قلت: أو لمروان؟ قال: لا أدري"5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015