من نخبة قريش الذين أخذوا يجمعون الثروات بشكل ملفت، بالاستناد إلى مراكزهم، ومواقعهم المميزة في المجتمع من خلال تدبر شئون الأمة الإسلامية، وتنظيم حياتها في الأمصار المفتوحة، وكان كل من طلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف وسعيد بن العاص، وزيد بن ثابت على هذا النمط.

دعم عثمان سياسته هذا بإقطاع الصوافي، وهو أول من تصرف بها، وأقطع الأراضي في الإسلام، ويشير البلاذري إلى هذا التوجه بقوله: "أول من أقطع العراق عثمان بن عفان، أقطع القطائع من صوافي كسرى، وما كان من أرض الجالية"، وسمى الذين أقطعهم1.

والمعروف أن سواد العراق اشتهر بخصوبته، وهو ينقسم إلى قسمين: أراضي الخراج التي كانت تضم القسم الأكبر، وتستخدم في تمويل العطاء العراقي، وربما عطاء المدينة، وأراضي الصوافي أو الفيء العائدة لمقاتلة القادسية وجلولاء، والتي كان يديرها ممثلوهم من أهل الأيام، ويزودونهم بالمكاسب والأرباح الإضافية2، وتعد هذه أراضٍ يمكن التصرف بها.

جاءت خطوة عثمان هذه كنتيجة لتقديره الصائب لتطورات أوضاع المسلمين في الأمصار، لقد أدت الفتوح إلى نزوح أعداد سكانية هائلة من الجزيرة العربية إلى الأمصار المفتوحة، وبالتحديد إلى الكوفة والبصرة، وطغت على نواة الأمة الإسلامية من المهاجرين والأنصار، وأهل الفضل والسابقة التي أضحت تشكل أقلية عددية، وقد أدرك عثمان ذلك، وكان يرفض أن يميل ميزان القوى السياسي لصالح القبائل على حساب هؤلاء، لذلك أراد دعمهم، وتقوية سيطرتهم على المراكز القيادية بنقل الفيء إلى أيديهم مباشرة حتى تترسخ أموالهم وأملاكهم، من هنا جاءت دوافع الأقطاع العثماني، والتصرف بأراضي الصوافي، ونقل ملكيتها إلى قدماء المسلمين، كان فحوى هذا النظام، التكريس المالي، والأخلاقي لرئاسة قريش على القبائل، ومن الواضح أن سياسة كهذه ما كان لها أن تمر دون معارضة جدية من قبل القبائل في مواقعها الأساسية في الكوفة، والبصرة، ومصر3.

والواضح أن توقف الفتوحن، وزوال وأردت الغنائم دفع أهل الأمصار إلى الاعتراض على إعطاء أهل المدينة من فيئهم، ودعوا إلى توزيع وارد كل مصر على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015