المطلب، وإنما كان يعد نفسه من بني هاشم، واجتمعت بنو أمية إلى عثمان، واجتمعت بنو زهرة إلى سعد وعبد الرحمن بن عوف، فكانوا في المسجد الشريف مجتمعين، فلما أقبل عليهم أبو بكر وأبو عبيدة، وقد بايع الناس أبا بكر قال لهم عمر: "ما لي أراكم مجتمعين حلقًا شتى، قوموا فبايعوا أبا بكر فقد بايعته الأنصار، فقام عثمان بن عفان، ومن معه من بني أمية فبايعوه، وقام سعد وعبد الرحمن بن عوف، ومن معهما من بني زهرة فبايعوا"1.
كما غابت عن المنافسة المباشرة في اجتماع السقيفة الفئة "الأرستقراطية"، بزعامة أبي سفيان بن حرب، إلا أنه تبنى المرشح الأوفر حظًا بهدف استمرارية مصالحه على الرغم من أنه حرض عليًا، ودعاه إلى البيعة لنفسه، فزجره علي، غير أن خالد بن سعيد بن العاص، وهو أحد أشراف مكة ووجهًا من وجوه بني أمية، وكان النبي قد أرسله عاملًا على صدقات مذحج، كان له موقف متميز، فبعد أن قدم إلى المدينة، وكانت البيعة قد تمت، توجه إلى علي وعثمان، وخاطبهما قائلًا: "إنما الشعار دون الدثار، أرضيتم يا بني عبد مناف أن يلي أمركم عليكم غيركم؟ فقال علي: "أوغلبة تراها؟ إنما هو أمر الله يضعه حيث يشاء، قال: فلم يحتملها عليه أبو بكر واضطغنها عمر"، وبقي هذا الصحابي ممتنعًا عن بيعة أبي بكر مدة ستة أشهر2.
التعقيب على اجتماع السقيفة:
- يعد اجتماع السقيفة بمثابة مؤتمر سياسي، عالج فيه المسلمون مشكلة لم يكن لهم بمثلها عهد من قبل، ودارت فيه المناقشات وفق الأساليب الحديثة.
- إن حدة الحوار في اجتماع السقيفة، وقسوة العبارات المتبادلة أحيانًا، وروعة العبارات البليغة أحيانًا أخرى، تجعلنا نقف في هذا الاجتماع على حقيقتين:
الأولى: التعرف على الدوافع التي تحرك المتحاورين وتوجههم.
الثانية: حجم الحرية الذي أوصل الحوار إلى هذا المستوى الراقي3.
-لقد تمت بيعة أبي بكر وفقًا للعادات المتعارف عليها في تصنيف، وانتخاب الزعامات القبلية، لكن ضمن إطار الدين4؛ لأن المسلمين افتقدوا في ذلك الوقت، وتلك المرحلة من تطور أوضاعهم السياسية والاجتماعية، إلى أسس تحدد كيفةد