انتخاب خليفة، ويؤكد الاختلاف القوي بين الصحابة في بداية الاجتماع على أن ما حدث لم يتحقق عن طريق الشورى كما روت المصادر، إذ المعروف أن الشورى في عهد النبي هي التي كانت تتم في المسجد، حيث يجتمع المسلمون بالنبي، ويتناقشون في أمور دينهم، ودنياهم دون تمييز، ويأخذ برأيهم ومشورتهم، وبالتالي كان يسمح بإعطاء الرأي لأكبر عدد منهم، اهتداء بما دعا إليه القرآن الكريم، كمبدأ عام ونهج كلي، وترك التفصيل فيه والتحديد له لاجتهاد الأمة وفق مصالحها المتجدة، وحاجتها المتطورة1.

- إن غيبة النبي وما نجم عنها من فراغ معنوي، خلقت توافقًا تامًا في المحتوى، والشكل في سلوك الجماعات الإسلامية المختلفة، وما كان للرابط الديني أن يطغى في هذه المرحلة، على المعايير الاجتماعية السائدة، وأخلاقياتها، وسلوكها، القائلة على القبلية، لهذا كان السجال في اجتماع السقيفة أقرب إلى السجال

القبلي بين القبائل المسلمة2.

- لم يكن أحد أكثر تعبيرًا عن الواقع القبلي كما كان أبو بكر حين خاطب الأنصار، فبدأ الانقسام بين تجمعين، أو وحدتين قبليتين "أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن تدين العرب إلا لهذا الحي من قريش، هو أوسط العرب نسبًا ودارًا"3، ثم إن الاعتراضات التي ظهرت من كلا الفريقين لم تكن شخصية، أو دينية بقدر ما كانت ذات طابع قبلي.

- احتوت الخلافة في طورها الأول، على الأقل، على مبدأين:

الأول: الفضل والمنزلة في الإسلام.

الثاني: النسب والشرف.

ولم يكن النقاش الذي دار بين المهاجرين، والأنصار سوى انعكاس لهذين المبدأين.

- اقتنع الأنصار بما قاله أبو بكر من أن العرب لن تعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، وأن المهاجرين سوف لا يستبدون بالأمر، وسيشاورونهم في الشئون العامة، ولا يتفردون باتخاذ القرارات مكتفين بالعيش إلى جانبهم، وفي كنفهم، مطمئنين إلى وصية النبي في مرضه الأخير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015