فرغوا منه عادوا ليقاتلوا جيش أنطاكية، بعد أن يكونوا قد ضمنوا مؤخرتهم، ووطدوا أقدامهم في فلسطين1.
وتقرر اعتماد الخيار الثاني، وهو الأخطر والأصعب، وترتب على هذا الاختيار فتح بصرى أولًا للانطلاق منها نحو الهدف، لذلك شدد المسلمون الحصار عليها، وأجبروا أهلها على طلب الصلح، فكانت أول مدينة فتحت صلحًا في بلاد الشام، وأول جزية وقعت في هذا البلد في عهد أبي بكر، وفقًا لرواية البلاذري2.
معركة أجنادين:
ارتد عمرو بن العاص نحو أجنادين الواقعة بين الرملة، وبيت جبرين، وتوقف فيها ينتظر وصول جيش تيودور الذي كان يتقدم نحوه متمهلًا،
وهو مطمئن إلى قوته وضعف عدوه، فوصل أيضًا إلى هذه البلدة، وانضم إليه نصارى العرب، وأهل الشام آملين أن ينالوا نهائيًا من المسلمين، ويخرجوهم من فلسطين، وكان مثل هذا العمل سيؤدي إلى إحراج المسلمين المنتشرين في المناطق الواقعة شرقي البحر الميت ونهر الأردن، ووضعهم في موضع مكشوف على نحو ينذر بالخطر، إذ كانت القوى الإسلامية بعيدة عنهم، ولعل وردان الذي تشير إليه بعض الروايات على أنه كان القائد العسكري في حمص، كان أيضًا في القيادة.
عقد خالد بن الوليد مجلسًا عسكريًا عندما علم بزحف البيزنطيين تقرر فيه تجميع القوى الإسلامية، والصمود في أجنادين، وجرى اللقاء في هذه البلدة يوم السبت في "27 جمادى الأول 13هـ/ 30 تموز 634م"، دارت فيه الدائرة على القوات البيزنطية3.
كانت معركة أجنادين مكشوفة، وأدت إلى جعل البيزنطيين أقل حماسة عما كانوا عليه من قبل لمجابهة المسلمين في الأماكن المكشوفة، والواقع أن الخوف كان يسبق القتال المكشوف، وقد نال المسلمون حرية نسبية مكنتهم من فتح معظم المدن دون مقاومة، وشل حركة المواصلات بين المدن.
واضطرت القيادة البيزنطية إلى تغيير خططها العسكرية، بالاعتماد على المدن