قال: "يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرًا، فإن الناس يزيدون والآنصار على هيئتها لا تزيد، وإنهم كانوا عيبتي التي أويت إليها، فأحسنوا إلى محسنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم"1.

وتدل فكرة الانتخاب على:

- وجود نهج سياسي محصور بالنخبة.

- وإن الوظيفة النبوية كانت تفهم كوظيفة قيادية تستلزم خلفًا2.

موقف الأنصار خلائل المناقشة مع المهاجرين:

مما لا شك فيه أن الروايات التاريخية الكثيرة التي حفظتها لنا المصادر حول ما دار في اجتماع السقيفة، يشوبها الكثير من التضارب، ومع ذلك فهي تشترك في نقاط جوهرية تشكل أرضية صالحة ينظر إليها على أنها ذات محتوى تاريخي يستند إليه في التاريخ لهذه الحقبة، حيث كانت مسألة خلافة النبي مسار جدل اتسم بالحدة أحيانًا، وقد تولى كل من سعد بن عبادة، والحباب بن المنذر، التكلم باسم الأنصار عامة، وقد افتتح الأول المناقشة بخطبة تشير إلى أن الأنصار أعطوا لأنفسهم الحق بالتفرد في تقرير مصير خلافة النبي مع ما لهذه القضية من أهمية وخطورة، دون الوقوف على رأي الطرف الآخر الذي يشكل شطر المجتمع الإسلامي في المدينة، وهم المهاجرون، وقد عللوا موقفهم هذا بأسباب موجبة لا تخرج عن موقفهم المشرف من الدين وصاحبه، ونصرتهم له، وخذلان أكثر العرب له، وعجز المهاجرين عن حمايته، وحماية أنفسهم حتى اضطروا إلى الهجرة إلى مدينة الأنصار، فكان بعد ذلك النصر المؤزر، مما أوضحناه في دوافع الاجتماع3.

ولا شك بأن هذا التصرف هو سلوك انفصالي لا يأخذ بالحسبان مجموع الأمة، ثم إن رئاسة الدولة إنما هو أمر ديني، وسياسي معًا.

ويبدو أن بعض الأنصار أدركوا بعد ذلك، حقيقة وضعهم في أنهم ليسوا وحدهم أصحاب الحق في تقرير أمر الخلافة، وأن لهم منافسًا قويًا سوف يزاحمهم، إنهم المهاجرون، يدل على ذلك، رد الفعل الأولي عند هؤلاء على خطاب سعد بن عبادة، فبعد أن دعموا رأيه، وأيدوا موقفه، استدركوا الواقع التاريخي الذي يعيشون فيه، ورأوا أن المهاجرين لن يسلموا بهذا الأمر، ولا بد أن يعارضوه، وجرت بينهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015