كأسياد واسترداد سيادتهم التي تنازلوا عنها للنبي في حياته، ولا يجوز لغيرهم أن يحكمهم في بلدهم، بدليل أن الحباب بنا لمنذر الأنصاري طلب من الأنصار، في إحدى مراحل النقاش مع أبي بكر، وأصحابه من المهاجرين، بإجلاء هؤلاء عن أرضهم إذا لم يصغوا لما يقول1.

- أحقيتهم بالخلافة من المهاجرين نظرًا لسابقتهم في الإسلام، ونصرتهم لرسول الله وأصحابه، وإيوائهم له، وإليهم كانت الهجرة2، وما نتج عن ذلك من فضائل لم تتوفر لية قبيلة عربية، وعززوا موقفهم بالإشارة إلى أن النبي استمر مدة طويلة يدعو قومه إلى الدين الجديد، ولم يؤمن به منهم إلا عدد ضئيل لم يكونوا قادرين على الدفاع عنه أو تعزيزه، وهذا ما اختص به الأنصار، فبقوتهم دانت العرب للإسلام، وهو ما دفع سعد بن عبادة إلى أن يخاطبهم بقوله: "استبدوا بهذا الأمر، فإنه لكم دون الناس"3.

- أرادوا تحاشي هيمنة قريش الظاهرة منذ فتح مكة، والتي ارتضوها احترامًا للنبي، وخشوا إن انتخب مرشح قرشي من المهاجرين، أن يستبد بالأمر، فيقعوا تحت سيطرة قريش التي حاربوها ثماني سنوات، مما يهدد باختلال التوازن لغير مصلحتهم في المرحلة القادمة.

والواضح أن هذه الهواجس لم تكن غائبة عن تفكيرهم منذ فتح مكة حيث كانت الراية معقودة لسعد بن عبادة، وقد بلغت به الحماسة، فقال: "اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة"4، فعد النبي هذا القول على أنه موجه ضد قريش، فأخذ الراية منه وأعطاها لقرشي مهاجر هو علي بن أبي طالب5، كما استثناهم النبي من العطاء في أعقاب غزوة الطائف6، مما أثار قلقهم، وقد أدرك النبي هذا الشعور لديهم بعد أن كثرت القالة منهم، فبدده قائلًا: "ألا ترضون يا معشر الأنصار أن تذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا، لسلكت شعب الأنصار" 7، كما أوصى المهارجين بهم في مرضه الأخير حين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015