لماضيهم من المجد وما لأسلافهم من الشرف، فلم يقبلوا تنقيص المنقصين وعبث المدلسين وقدح المغرضين، وشعروا بعز السيادة ولذة الحياة، فانفوا من سيطرة المستبدين ولم يخضعوا لذل المستعبدين .... "
فالهدف الوطني المتوخى من الكتاب واضح عنده. فهو يرى أن العناية بالتاريخ تضمن اعادة ربط الشعب بمساره، وبعث اعزازه بماضيه دون تمجيد أعمى، كما يرى ضرورة اعطاء الأولوية في الدراسات التاريخية، للتاريخ الوطني على التاريخ الفرنسي.
ويتعرض الشيخ مبارك في "مقدمات" كتابه لهذه الأهداف، عندما يتناول الموضوع من زاوية واجب المثقف الجزائري إزاء التاريخ. فقد كتب تحت عنوان فرعي هو "المتعلمون الجزائريون والتاريخ". يستعرض وينقد المثقفين سواء منهم الذين تعلموا الفرنسية أو الذين تخرجوا من المعاهد التقليدية للتعليم العربية- الإسلامي.
فهو يقول منددا بالقطيعة بين كل اصناف المنعلمين الجزائريين وتاريخم: "إن المتعلمين اليوم من أبناء الجزائر قطعوا الصلة بينهم وبين ماضيهم فجهلوا ما فيه عن عز وذل ونعيم وبؤس ومدنية وهمجية وسيادة وعبودية.
ثم يحلل المسار الذي أدى الى تجهيل المتعلم الجزائري، بتاريخه. فعن خريجي المدارس الفرنسية يقول: "ترى المتعلم بالمدارس يعرف من تاريخ بعض الأمم الأجنبية وما يجدر به أن العلم مثله من تاريخ شعبه ولا يحسن منه تقديمه عليه فكيف بالإقتصار عليه والإكتفاء به؟
إن النسبة بين التاريخين: الشعبي والأجنبي، مثل النسبة بين الضروري والكمالي، إنما يحصل له هذا المثل إذا جاء بعد الضروري فإن سبقه لم يكن كماليا وكان ضرره اكثر من نفعه.
ومن مضار تقديم تاريخ الأمة الأجنبية قصر الكمال والسيادة عليها وحصر المعارف والحضارة فيها وذلك تزهيد للمتعلم في وطنه وتنفير له من بني جنسه.