قبل ظهور الإسلام مسيحي الروح، لاتيني الثقافة.
وعلى هذا الأساس ظهر المسعى الذي عرف بتحقيق "انبعاث أفريقيا اللاتينية" وهكذا ظهرت مجلة تحمل عنوان "لفريقيا اللاتينية" كانت تصدر في الجزائر وتحاول ابراز "الهوية الغربية اللاتينية المسيحية للعالم البربري" وقد امتدت هذه المحاولة الى المغرب الأقصى حيث استخلصت بعض الأوساط المسيحية أن سكانه يمكن بسهولة تحويلهم الى مسيحيين لأن بساطة أخلاقهم تقربهم من المسيحية، كما جاء في كتاب أوزج كولير الذي يحمل عنوان "بحث في فكر البربري المغربي".
أما النوع الثاني من محاولات هذه المرحلة، فيتمثل بتسليط كل ما يمكن من أضواء على العهد الروماني وابرازه في صورة العهد المشرق النير، وكذلك العهد الفرنسي. أماما بينهما وهو العهد الإسلامي على الخصوص- فيتم تعتيمه ويعتبر عصورا مظلمة، كما سبقت الإشارة الى ذلك. وبهذا العمل المزدوج، عبر هذه المرحلة الرابعة، تصبح العهود الإسلامية مجرد جملة اعتراضية في أسفار تاريخ المنطقة التي تبدأ والحالة هذه بعهود روما التي تمسحت وتنتهي بفرنسا "البنت الكبرى للكنيسة".
إذا نحن استحضرنا أهم دعائم وأهداف المشروع الإستعماري وخاصة ما يتصل منه بالثقافة الوطنية، أدركنا الدور الذي يؤديه تجديد العناية بالتاريخ الوطني، والمغزى العميق الذي يكتسبه ظهور كتاب باللغة العربية عن تاريخ الجزائر في عام 1928.
ويؤكد هذه الأهمية، أن مؤلف ـ[تاريخ الجزائر في القديم والحديث]ـ، لم تخف عليه هذه الحقائق، فهو يؤكد في المدخل الذي جعل عنوانه "مقدمات" ما يلي:
"فإن التاريخ مرآة الغابر ومرقاة الحاضر. فهو دليل وجود الأمم وديوان عزها ومبعث شعورها وسبيل اتحادها وسلم رقيها. متى درسه أبناء أمه واحاط أخيرا بأدواره شبابها، عرفوا وجودهم فلم تبتلع قوميتهم القوميات الحية النهمة المجاورة لهم، وأدركوا ما