وقد مرت عملية تزييف التاريخ الوطني الجزائري من طرف المنظرين الاستعماريين بعدة مراحل يمكن اجمالها فيما يلي:
اولا: محاربة اللغة العربية وتوسيع مجالات الامية. ولا يخفى ان انتشار الامية بالاضافة الى التفقير يهدد بالقضاء على انسانية الانسان فضلا عن ان تبقى لديه تعلقا بتاريخ او تعزز لديه روح البحث عن الجذور.
ثانيا: بعد تجفيف منابع الثقافة الوطنية وانسداد ابواب التعلم في وجه الجزائريين يمكن ان يسمح لهم بقدر محدود من تعلم اللغة الفرنسية التي يضطر الى دخولها بعد عزوفه عنها ومعارضة لها، فيقبل بها بوصفها اهون الشرين وكونها تمثل شيئا هو خير من لا شيء.
ثالثا: السعي من خلال ذلك التعليم الفرنسي المحدود الى تحقير التاريخ الوطني. فمدارس التعليم المخصصة "للأهالي" لم تكن تستنكف من اللجوء الى الاسفاف الظاهر عندما يتعلق بتدريس مادة التاريخ الجزائري، بل واستعمال الكذب المفضوح.
فقد كانت تلك البرامج في بعض العهود تقدم سقوط الجزائر في 1830 امام الغزو الفرنسي في صورة مهينة خلاصتها ان سكان الجزائر العاصمة باعوا الجزائر للفرنسيين في مقابل قصعة زلابية .. وكان الكتاب الذي يهين التاريخ الوطني هذه الاهانة يشتمل على رسم توضيحي يمثل مجموعة من الجزائريين وقد شكلوا حلقة حول قصعة زلابية يتنافسون على أكل ما فيها ..
فليس مثل تحقير الجدود وتشويه أعمالهم دفعا للأحفاد على التنصل من تاريخهم والبحث عن هوية جديدة.
رابعاً: بعد ذلك كله تتهيأ الظروف الملائمة لوضع تاريخ جديد للجزائر يتماشى والمنظور الإستعماري.
فالمسألة لا تتعلق بايجاد قراءة جديدة للتاريخ، بل صياغة جديدة تبرزه في ثوب لا علاقة له بما كان معروفا حتى ذلك العهد.
وتظهر طبيعة هذه المرحلة في نوعين من المحاولات بكمل أحدهما الآخر يتلخص النوع الأول في التأكيد على أن المغرب العربي، كان