ما: ذلك انه ليس لها وجود سياسي متميز، وبناء على ذلك لم يكتب تاريخها"

وهكذا أريد ربط الجزائر (بوصفها قلب المغرب العربي، اذ يمكن عبرها التاثير على مجموع الشمال الأفريقي) بالتاريخ الفرنسي خاصة والتاريخ اللاتيني بصورة عامة. يقول لوى بيرتران في كتابه "دماء الجذور".

ما ان يضعف الشرق، حتى تسقط أفريقيا الشمالية في الفوضى التي لازمتها منذ الولادة أو تخضع للهيمنة اللاتينية التي وفرت لها قرونا من الازدهار، والتي اعطتها، لأول مرة، شبه وحدة، كما زودتها بشخصية سياسية وثقافية. (يقصد فرنسية طبعا).

ان العربي لم يقدم لها الا البؤس والفوضى والهمجية. ان كل شيء قد اتاها من الخارج من سوريا، من فارس من اليونان من بيزنطا، ومن البلاد اللاتينية على الخصوص.

من هنا نتبين ان المعركة التي دارت منذ العشرينات حول التاريخ الوطني، كانت من اشد المعارك ضراوة.

ذلك ان المنظرين الاستعماريين في مسعاهم الى فرنسة الانسان بعد الارض، وجدوا ان تزييف التاريخ وحده لا يكفي وانه لابد من اكماله بمسعى معمق على واجهتين اثنتين: تجهيل الجزائريين وحرمانهم من تعلم اللغة العربية بوصفها اداة اساسية في الاطلاع على التاريخ الاسلامي والتفاعل مع نبضه الحضاري، وفي نفس الوقت السعي الى تجريدهم من الاسلام وتمسيح من يمكن تمسيحه منهم.

وفي اطار هذا المسعى المزدوج والمتكامل لا بأس بالابقاء على شكليات وطقوس دينية تفرغ من روحها، وتجعل الانسان الجزائري عاجزا عن مغالبة المشروع الثقافي الاستعماري الذي يقوم على الثالوث المشار اليه: تحريف التاريخ، التجهيل باللغة العربية، افراغ الدين من مضمونه الحضاري وقوته الروحية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015