وإيمانه بالتقدم العصري - كما يسميه - فإننا لا نجد له حضورا في مؤتمر المستشرقين 14 الذي اعقد بالجزائر سنة 1905. بينما نجده يقوم بمرافقة الشيخ محمد عبده سنة 1903 من مرسيليا إلى الجزائر على ظهر الباخرة. وكانت مهمته معه مجهولة ولكن بتكليف من الحكومة الفرنسية (?).
إن تعريف الخلف قد ضم جزئين، ولم يرتبهما صاحبهما أي ترتيب. فالجزء الأول ضم مجموعة صغيرة من التراجم مع التوسع في حياة أصحابها، وكانت أسماؤهم هي التي نقشت على حيطان المدرسة الثعالبية. كما ضم هذا الجزء معلومات عن والد المؤلف، وعن الزوايا وبعض شيوخها، وكذلك بعض الشخصيات المعاصرة. لقد رجع الحفناوي إلى مراجع عديدة، بعضها مطبوع، ولكن الكثير منها كان من وثائق العائلات والتقاييد الخاصة والمخطوطات التي لم يتمكن أصحابها من طبعها. وكانت طريقته تشبه التراجم القديمة في كتب الطبقات العربية. وبعض التراجم قصيرة جدا، وبعضها يضم عدة صفحات، وذلك حسب توفر المعلومات. وقد أقحم فيه بعض التراجم غير الجزائرية، وهو أحيانا لا يضيف شيئا من عنده لمن يترجم له، بل يكتفي بنقل ما وصله عنه من العائلات أو من المؤلفات الأخرى.
ومن مراجعه، تاريخ ابن خلدون ونشر المثاني وصفوة من انتشر ووفيات ابن القنفذ، وكفاية المحتاج ونيل الابتهاج، والدرر الكامنة، والضوء اللامع. ولغة الحفناوي جيدة، وهي تدل على ثقافته الأدبية القوية، ولا يستعمل السجع أو الجمل العامية الثقيلة أو المتأثرة بالثقافة الأجنبية. ولكن تياره الفكري، رغم إيمانه بالتقدم، يتجه نحو التصوف وذكر الكرامات وبعض الخرافات. ولا ندري إن كان يؤمن بذلك حق إيمان (ونحن نستبعده)، أو هو نوع من مجاملة شيوخ العصر والمتعلمين الذين عاصرهم، وفيهم بعض القضاة والحكام والمرابطين. ونحن نعلم أن