المسلمين في العصور الأولى بمعنى الشرع، أو الحكم الشرعي، كما لم يستعملوا الشارع أو المشروع في واضع القانون أو المقنن، وإنما استعمل ذلك المتأخرون الذين تأثروا بدراسة القوانين الوضعية، فأطلقوا مصطلحات الشريعة عليها، واصطلاح الفقه الإسلامي يأبى ذلك كل الإباء. وسوف يتضح هذا من التعريف بمعنى الشريعة والتشريع.
معنى الشريعة والتشريع:
الشرع في اللغة: مصدر شرَع بالتخفيف، والتشريع، مصدر شرَّع بالتشديد، والشريعة في أصل الاستعمال اللغوي: مورد الماء الذي يقصد للشرب، ثم استعملها العرب في الطريقة المستقيمة، وذلك باعتبار أن مورد الماء سبيل الحياة والسلامة للأبدان، وكذلك الشأن من الطريقة المستقيمة التي تهدى الناس إلى الخير، ففيها حياة نفوسهم، وريِّ عقولهم، قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا} 1. ويقال: "شرعت الإبل"، إذا وردت شريعة الماء، و"شرع له الأمر" بمعنى سنه وبيَّن طريقته: قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} 2. وقال: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّه} 3. قال صاحب القاموس: الشريعة ما شرعه الله لعباده. وقال الراغب: الشرع: نهج الطريق الواضح. يقال: شرعت له طريقا، والشرع مصدر، ثم جعل اسما للطريق النهج، فقيل له: شرع، وشريعة، واستعير ذلك للطريقة الإلهية، قال بعضهم: سميت الشريعة شريعة: تشبيها بشريعة الماء من حيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة روى وتطهر.
والشريعة الإسلامية في الاصطلاح: ما شرعه الله لعباده من العقائد والعبادات والأخلاق والمعاملات ونظم الحياة، في شعبها المختلفة لتنظيم علاقة الناس بربهم