وتسربت اليهودية إلى بلاد العرب، واتخذت لها معاقل في "تيماء" و"فدك" و"خيبر" و"يثرب" كما تسربت النصرانية واتخذت موطنها الأساسي في "نجران".
وهذه الأمور الثلاثة:
1- التجارة.
2- الإمارات على تخوم فارس والروم.
3- اليهودية والنصرانية.
كانت وسائل لنقل المدنيات المجاورة إلى العرب ونفاذ ثقافتها إليهم.
ومع أن العرب قد ورثوا شيئا من ملة إبراهيم وإسماعيل، فإن طبيعتهم الخشنة ظلت مستعصية أمام هذه العوامل؛ لغلبة الجهل، وانتشار الوثنية، يعيشون في تناحر وفوضى. يقول ابن خلدون فيهم:
"إن العرب لطبيعة التوحش الذي هم فيه أهل انتهاب وعبث، ينتهبون ما قدروا عليه من غير مغالبة ولا ركوب خطر، ويفرون إلى منتجعهم بالقفر ... وهم إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب؛ لأنهم أمة وحشية، فينقلون الحجر من المباني ويخربونها؛ لينصبوه أثافي للقدر، ويخربون السقف ليعمروا به خيامهم، ويتخذوا الأوتاد منه لبيوتهم، وليس عندهم من أخذ أموال حدٌّ ينتهون إليه ... وهم متنافسون في الرياسة، وقل أن يسلم واحد منهم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلا في الأقل، فيتعدد الحكام منهم والأمراء، وهم أصعب الأمم انقيادًا بعضهم لبعض؛ للغلظة، والأنفة، وبُعد الهمة، والمنافسة في الرياسة، فقلما تجتمع أهواؤهم.
من أجل ذلك لا يحصل لهم الملك إلا بصيغة دينية من نبوة، أو ولاية، أو أثر عظيم من الدين على الجملة".
ومع ذلك كله فقد كانت لهم تقاليد في مأكلهم ومشربهم وملبسهم، وفي