...
جمع القرآن:
سبق أن تكلمنا عن جمع القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمع القرآن في عهد أبي بكر، ثم في عهد عثمان.
أولا: جمعه في عهد أبي بكر
قام أبو بكر بأمر المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وواجهته أحداث جسام في ارتداد جمهرة العرب، فجهز الجيوش، وأوفدها لحروب المرتدين، وكانت غزوة أهل اليمامة تضم عددا كبيرا من الصحابة القراء، استشهد منهم الجم الغفير، فهال ذلك عمر بن الخطاب، ودخل على أبي بكر رضي الله عنه، وأشار عليه بجمع القرآن وكتابته خشية الضياع، فنفر أبو بكر من هذه المقالة، وكبر عليه أن يفعل ما لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد توفى والقرآن محفوظ في الصدور، ومكتوب في اللخاف والأكتاف ونحوهما، ولم يكن جمع على هيئة كتاب واحد، حيث لم تدع الحاجة إلى ذلك لوجوده صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، ورجوعهم إليه في كل ما اختلفوا فيه، وظل عمر يراود أبا بكر حتى شرح الله صدره لهذا الأمر، ثم أرسل إلى زيد بن ثابت، لمكانته في القراءة والكتابة والحفظ والفهم والعقل، واقتص عليه قول عمر، فنفر زيد من ذلك كما نفر أبو بكر من قبل، وتراجعا حتى طابت نفس زيد للكتابة، وبدأ زيد بن ثابت مهمته الشاقة، معتمدا على المحفوظ في صدور القراء، والمكتوب لدى الصحابة، وبقيت.