وسلم والذين هاجروا، وخاضوا المعارك في سبيل الله، فاجتمعوا بالفعل، وأزمعوا أن يبايعوا رجلا منهم بالخلافة، ورشحوا سعد بن عبادة زعيم الخزرج.

ولكن الأمر انتهى إلى زعماء المهاجرين، فأسرع أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة ابن الجراح إلى الأنصار، ودار بينهم شيء من الجدال، وخطب فيهم أبو بكر وقال لهم: نحن الأمراء وأنتم الوزراء. وأقنعهم بالأمر حتى سمحت نفوسهم، وكرهوا أن يأخذوا الخلافة أجرا على ما أبلوا في دين الله من البلاء، ثم أسرع عمر إلى بيعة أبي بكر، فتبعه الأنصار، وبايع بعد ذلك سائر المسلمين في المدينة، واستقام الأمر لأبي بكر.

ولكن أبا بكر رضي الله عنه واجه خلافا كاد شره أن يستطير ويصبح خطرا على الإسلام، لولا أن الله كتب لهذا الحفظ {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} 1. فألقى في قلب أبي بكر اليقين، فثبت لهذا الخلاف أروع ثبات، وصمم على حسمه مهما كلفه من عناء.

واجه أبو بكر قوما امتنعوا عن الزكاة، وقالوا: نقيم الصلاة ولا نؤتى الزكاة، فأبى إلا أن يؤدوا إليه ما كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ لا فرق بين الصلاة والزكاة، وقال كلمته المأثورة: "والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلهم عليه ما استمسك السيف بيدي".

وواجه قوما آخرين ظهر منهم كذابون ادعوا لأنفسهم النبوة، وتلوا على قومهم كلاما زعموا أنه وحي من الله، ظهر الأسود العنسي في اليمن، ومسيلمة في بني حنيفة باليمامة، وطلحة في بني أسد، وظهرت سجاح في أحياء من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015