جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدث ذات يوم على المنبر إلى أصحابه فقال: "إن عبدا قد خيره الله بين زهرة الدنيا وما عنده، فاختار ما عند الله".
وفهم أبو بكر ما يقصد بهذه العبارة فقال: "بل نفديك بآبائنا وأمهاتنا".
ولم يدرك الصحابة حقيقة مغزاها إلا حين اختار الله رسوله للرفيق الأعلى ...
ولم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك الحديث حتى أحس بالوجع، فكان يُمَرَّضَ في بيت عائشة، ويخرج إلى الصلاة، فلما ثقل عليه المرض أمر أبا بكر أن يصلي بالناس.
وتوفى النبي صلى الله عليه وسلم وارتاب المسلمون حين نبئوا بوفاته، وماج بعضهم في بعض، وكان عمر أشدهم شكا، ولكن أبا بكر رضي الله عنه تلا عليهم الآيسة الكريمة من سورة آل عمران: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ،} 1، فثاب المسلمون إلى صوابهم، وذكروا قول الله لنبيه {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} 2.
لم يكد النبي صلى الله عليه وسلم يفارق أصحابه حتى ظهر بينهم خلال أوشك أن يكون عظيم الخطر على وحدتهم، حيث اختلفوا فيمن يخلف النبي صلى الله عليه وسلم في سياستهم وتدبير شئونهم.
أما الأنصار فظنوا أن الأمر ينبغي أن يكون فيهم، آووا النبي صلى الله عليه وسلم