وقطَعَا الجسر، ونهبت الغّزّ دار الخاتون، وأكل القويُّ الضعيف، وجرت أمور هائلة1.

دخول البساسيري بغداد:

ثم دخل البساسيريّ بغداد في ثامن ذي القعدة بالرايات المستنصريّة، عليها ألقاب المستنصر، فمال إليه أهلُ باب الكرْخ وفرحوا به، وتشفَّوا بأهل السُّنة، وشمخت أنوف المُنافقين، وأعلنوا بالَأذان بحيَّ على خير العمل2.

واجتمع خلْقُ من أهل السنَّة إلى القائم بأمر اللَّه، وقاتلوا معه. ونشبت الحرب بين الفريقين في السُّفن أربعة أيّام، وخُطِب يوم الجمعة ثالث عشر ذي القعدة ببغداد للمُستنصر العُبيْديّ بجامع المنصور3، وأذَّنوا بحيَّ على خير العمل. وعُقد الْجِسر، وعبرت عساكر البساسيري إلى الجانب الشرقي، فخندق القائم على نفسه حول داره، وحوّل نهر المُعَلّى، وأحرقت الغَوغاء نهر المُعَلّى ونُهِب ما فيه4.

وقوي البساسيريّ، وتقلّل عن القائم أكثر الناس، فاستجار بقُريش بن بدران أمير العرب، وكان مع البساسيريّ، فأجاره ومن معه، وأخرجه إلى مخيّمه.

القبض على وزير القائم وموته:

وقبض البساسيري على وزير القائم رئيس الرؤساء أبي القاسم ابن المسلمة، وقيّده وشهَّره على جملٍ عليه طرطور وعباءة، وجعل في رقبته قلائد كالمسخرة، وطِيفَ به في الشوارع وخلفه من يصفعه، ثُمَّ سُلِخ لهُ ثور وأُلبِس جلده، وضُبِط عليه، وجعلت قرون الثور بجلدها في رأسه.

ثُمَّ علِّق على خشبة وعُمِلَ في فكيه كلوبين، فلم يزل يضطرب حتى مات -رحمه الله5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015