وأمَّا بغداد فخُطِب بها للسلطان طغرلبك بعد القائم، ثم ذُكر بعده الملك الرحيم، وذلك بشفاعة القائم فيه إلى السلطان.
انقراض بني بويه:
ثُمّ إنَّ السلطان قبض على الملك الرحيم بعد أيّام، وقُطعت خطبته في سلخ رمضان، وانقرضت دولة بني بويه1، وكانت مدته مائة وسبعًا وعشرين سنة.
وقامت دولة بني سلجوق، فسبحان مُبدئ الْأمم ومُبيدها، ومردي المُلوك ومُعيدها.
ودخل طغرلبك بغداد في تجمُّلٍ عظيم، وكان يومًا مشهودًا، دخل معه ثمانية عشر فيلا، ونزل بدار المملكة2.
وكان قدومه على صورة غريبة، وذلك أنَّه أتى من غزو الرّوم إلى همذان، فأظهر أنّه يريد الحج، وإصلاح طريق مكّة، والمُضيّ إلى الشام من الحج ليأخذها ويأخذ مصر، ويُزيل دولة الشّيعة عنها، فراج هذا على عموم الناس.
وكان رئيس الرؤساء يُؤْثِر تملّكه وزوال دولة بني بُوَيْه، فقدِم الملك الرحيم من واسط، وراسلوا طغرلبك بالطاعة.
وفاة ذخيرة الدين:
وفيها توفِّي ذخيرة الدّين وليّ العهد، أبو العبّاس محمد ابن أمير المؤمنين القائم، فعظُمت على القائم الرزيّة بوفاته، فإنه كان عضُده، وخلَّف ولدًا، وهو الذي ولي الخلافة بعد القائم، ولُقِّبَ بالمُقتدي باللَّه3.
عيْث جيوش طغرلبك بالسواد:
وفيها عاثت جيوش طغرلبك بالسواد، ونهبت وفتكت، حتّى أبيع الثور بعشرة دراهم، والحمار بدرهمين4.