استيلاء أعوان الملك الرحيم على شيراز:
فيها استولى أعوان الملك الرحيم على شيراز بعد حصار طويل وبلاء شديد من القحط والوباء، حتّى قيل: لم يبق بها إِلَّا نحو ألف إنسان، فما أمهله اللَّه في الملك بعدها1.
ابتداء الدولة السلجوقية:
وفيها كان ابتداء الدولة السلجوقية بالعراق، وكان من قصة ذلك أنَّ أبا المظفَّر أبا الحارث أرسلان التركي المعروف بالبساسيري كان قد عظُم شأنه بالعراق، واستفحل أمره، وبعُد صيته، وعظُمت هيْبته في النفوس، وخُطِبَ له على المنابر، وصار هو الكل، ولم يبق للملك الرَّحيم بن بُوَيْه معه إِلَّا مجرَّد الاسم2.
ثم إنهُ بلغ أمير المؤمنين القائم أنَّ البساسيريّ قد عزم على نهب دار الخلافة والقبض على الخليفة، فكاتب الخليفةُ القائمُ السلطان طغرلبك بن ميكائيل بن سلجوق يستنجد به، ويعده بالسلطنة، ويحضُّه على القدوم3.
وكان طغرلبك بالريّ، وكان قد استولى على الممالك الخراسانية وغيرها.
وكان البساسيري يومئذٍ بواسط ومعه أصحابه، ففارقه طائفه منهم ورجعوا إلى بغداد، فوثبوا على دار البساسيري فنهبوها وأحرقوها، وذلك برأي رئيس الرؤساء وسعيه. ثم اتجه عند القائم بأنه يكاتب المصريين، وكاتب الملك الرحيم يأمره بإبعاد البساسيري فأبعده، وكانت هذه الحركة من أعظم الأسباب في استيلاء طغرلبك على العراق.
فقَدِمَ السلطان طغرلبك في شهر رمضان بجيوشه، فذهب البساسيري من العراق وقصد الشام، ووصل إلى الرحبة، وكاتب المستنصر باللَّه العُبيْديّ الشيعي صاحب مصر، واستولى على الرحبة للمستنصر بها، فأمدَّه المستنصر بالأموال4.