العليا وشحمتي أُذُنيه، وسُجِنَ بدار الخلافة، وكان معه أخوه علي، وانّهما هربا من الدار في يوم عيد، واختلطا بالنّاس، ومضيا إلى ما وراء النهر.
وروي المتنبي من شعره، وله شعر وأدب، ومات بخراسان خاملًا.
دخول ملك الروم حمص:
ووصل ملك الروم -لعنهم الله- إلى حمص وملكوها بالأمان، وخافهم صاحب حلب أبو المعالي بن سيف الدولة، فتأخّر عن حلب إلى بالس1، وأقام بها الأمير قرغُوَيْه، ثم ذهب أبو المعالي إلى ميَافارقين لما تفرّق عنه جنده، وصاروا إلى ابن عمّه صاحب الموصل أبي تغلب، فبالغ في إكرامهم، ثم ورد أبو المعالي إلى حلب فلم يُمكَّن من دخولها واستضعفوه، وتشاغل بحبّ جارية، فردّ إلى سَرُوج فلم يفتحوها له، ثم إلى حَرّان فلم يفتحوا له أيضًا، واستنصر بابن عمّه أبي تغلب، فكتب إليه يعرض عليه المقام بنصيبين، ثم صار إلى ميَافارقين في ثلاثمائة فارس وقلّ ما بيده.
ووافت الروم إلى ناحية ميَافارقين وأَرزن يعبثون ويقتلون، وأقاموا ببلد الأسلام خمسة عشر يومًا، ورجعوا بما لا يحصى.
صعوبة الحج:
وكان الحجّ في هذا العام صعبًا إلى الغاية لِمَا لَحِقهم من العطش والقتْل، مات من حجّاج خراسان فوق الخمسة آلاف، وقيل: بل ثلاثة آلاف بالعطش، فلمَّا حصلوا بمكة خرج عليهم الطلحيّون والبكريّون فوضعوا في الحجيج السيف، وأخذوا الركْبَ بما حوى، ولم يحجّ من مصر ولا الشام أحد، وكان حجّاج المغرب خلقًا، فرجع معهم خلق من التُّجّار فأَخِذوا، فيقال: إنّه أَخِذ لتاجرٍ فيها متاع بنحو مائتي ألف دينار، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
القرامطة في دمشق:
وفي آخر العام جاءت القرامطة من البّريّة وتوثّبوا على دمشق فملكوها، وساروا إلى الرملة، فالتقاهم الحسن بن عبد الله الإخشيدي فهزموه، ثم قاتلوا أهل الرملة أشدّ قتال، واستباحوها بعد يومين، ثم إنّ أهلها دافعوا عن نفوسهم بمائة وعشرين ألف دينار، وسبوا من أعمال الرملة عشرة آلاف نسمة، وعزموا على قصْد مصر ليملكوها، فجاء العُبَيْدِيّون فأخذوها، وقامت دولة الرفض في الأقاليم: المغرب ومصر والعراق وغير ذلك.