نفس، وَكَانَ عَمْرو يدعو الله عَلَى إسْمَاعِيل وَيَقُولُ: غدر بي، خذَلَه الله. ولم يزل صائمًا إلى أن وافي كتاب الوزير عُبَيْد بن سُلَيْمَان إلى عبد الله بن الفتح يأمره بترفيهه وبسط أمله وإكرامه، فأكل ثلاثة أيام، وعاود الصوم، وجرت لَهُ أمور حَتَّى أَنَّهُ اشترى لَهُ فانيذ بثلاثة دراهم، فعرف أَبُو حامد أَحْمَد بن سهل وكبّله بذلك ليشتري لَهُ، فبكى وجعل يتعجب من الدُّنْيَا وَقَالَ: يا أبا الحَسَن، عهدي بِهِ إِذَا سار إلى بلده يحمل فرشه ومطبخه عَلَى ستمائة جمل، وهو اليوم يطلب بدراهم فانيذًا. ورأيت سراويل عَمْرو وقد نزلنا سِجسْتان عَلَى حائط الخان، وقد غسّله غلامه، والريح تلعب بِهِ، وَالنَّاس يتعجبون من ذَلِكَ.
وَكَانَ إذا سار معنا يُخرج رأسه من العمارية، وَيَقُولُ لمن يمرّ بِهِ بالفارسية: يا سادتي، أدعو الله لي بالفرج. فَكَانَ النَّاس وأصحاب عبد الله بن الفتح يدعون لَهُ، وَكَانَ يتصدّق بسائر ما يترتب لَهُ من التُّرك.
وأما تكين عدِيلُهُ، فَإِنَّهُ أكل جملًا تامًا، فمات فجأة، واستراح عَمْرو منه، وأُركب معه شخص ظريف كَانَ معنا، فَكَانَ عَمْرو يدعو عَلَى إسْمَاعِيل ويَقُولُ: خذله الله، انتقم الله منه كما أسلمني.
فَقَالَ لَهُ جَعْفَر عديله: سألتك بالله، لو كنت ظفرت بإسماعيل، أكنت تُقعده في مثل هذه القبة وهذه الفرش، لا والله، ما كنت تحمله إِلا عَلَى قتَبٍ وتُؤذيه، فلمَ تلعنه؟ فلطم وجه نفسه، ونتف لحيته وصاح: يا ويله ويا عوله، بالفارسية.
ووجّه إلى عبد الله: اكفني مؤونة هَذَا العيَّار الطَّنبوري وإلا خنقت نفسي. فجاء عبد الله وأصلح بينهما، فَقَالَ عديله: فكم يُبرمني ويلعن صاحبي؟ ومن يصبر عَلَى هَذَا من أحمق قيمته مكاري. والله ما يحسن أن يقرأ الفاتحة ولا كيف يصلي.
وَلَهُ أخبار طويلة في مسيرنا بِهِ.
وَأَخْبَرَنَا عبد الله بن الفتح أَنَّهُ أمر بتقييده فجزع، وجعل يعد حُسن آثاره وطاعته، ولعمْري، لقد هلك أخوه يعقوب بثلاث سنين، فغلب عَلَى الأهواز، وحمل الأموال إلى السّلطان.
وَأَخْبَرَنِي عبد الله أَنَّهُ قَالَ لَهُ حين قيّده: كَانَ في أمس وراء هَذَا ستون ألف مقاتل، ومن الخيل والبغال والأموال كذا وكذا، فما نفعني الله بشيء من ذلك.