فهاجه ذلك على ضربه.
قال صالح: قال أبي: لمّا جيء بالسّياط نظرَ إليها المعتصم وقال: ائتوني بغيرها.
ثُمَّ قال للجلادين: تقدَّموا.
فجعل يتقدَّم إليَّ الرجل منهم فيضربني سوطين، فيقول له: شدّ، قطع اللَّه يدك.
ثُمَّ يتنحّى، فيقْدَم الآخر فيضربني سَوْطين وهو يقول فِي كلّ ذلك: شدّ، قطع اللَّه يدك.
فلمّا ضُربتُ تسع عشر سوطًا قام إليَّ، يعني المعتصم، وقال: يا أحمد، علامَ تقتل نفسك؟ إنّي والله عليك لَشَفيق.
قال: فجعل عُجَيْف1 ينْخسني بقائمة سيفه وقال: أتريد أن تغلب هؤلاء كلَّهم.
وجعل بعضهم يقول: ويْلك، الخليفة على رأسك قائم.
وقال بعضهم: يا أميرَ المؤمنين دَمُهُ فِي عُنُقي، اقتُلْه2.
وجعلوا يقولون: يا أمير المؤمنين أنت صائم وأنت فِي الشّمس قائم.
فقال لي: ويْحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقول به.
فرجع وجلس، وقال للجلاد: تقدَّم وأوجع، قطع اللَّه يدك.
ثُمَّ قام الثانية فجعل يقول: ويْحك يا أحمد أجِبْني.
فجعلوا يُقْبلون عليَّ ويقولون: يا أحمد إمامك على رأسك قائم.
وجعل عبد الرحمن يقول: مَن صنع مِن أصحابك فِي هذا الأمر ما تصنع؟ وجعل المعتصم يقول: ويْحك أجِبْني إلى شيءٍ لك فِيهِ أدنى فرج حَتَّى أطلق عنك بيدي.
فقلت: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئا من كتاب الله فيرجع.
وقال للجلادين: تقدموا.