قال: اقعد. ثُمَّ قال: ناظِروه، كلِّموه1.

فجعلوا يناظرونني، ويتكلم هذا فأردّ عليه، ويتكلَّم هذا فأردّ عليه، وجعل صوتي يعلو أصواتهم، فجعل بعض مَن على رأسه قائم يوميء إليَّ بيده، فلمّا طال المجلس نحّاني، ثُمَّ خلا بهم. ثُمَّ نحّاهم وردّني إلى عنده فقال: ويْحك يا أحمد، أجبني حَتَّى أطلق عنك بيدي. فرددت عليه نحوًا ممّا كنت أرد، فقال لي: عليك، وذكر اللَّعْن.

وقال: خذوه واسْحبوه واخلعوه.

قال: فَسُحِبْتُ ثُمَّ خلعتُ2.

قال: وقد كان صار إليّ شعرٌ3 مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي كُمّ قميصي، فوجّه إليّ إسحاق بْن إبراهيم: ما هذا المصرور فِي كُمّ قميصك؟ قلت: شَعرٌ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: وسعى بعض القوم إلى القميص ليخرّقه4 عليّ، فقال لهم، يعني المعتصم: لا تخرقوه.

فنزع القميص عنّي.

قال: وظننت أنّه إنما درئ عن القميص الخرقَ بسبب الشَّعْر الَّذِي كان فِيهِ.

قال: وجلس المعتصم على كرسيّ ثُمَّ قال: العُقابين والسِّياط.

فجيء بالعقابين، فَمُدَّت يداي، فقال بعض من حضَر خلفي: خُذْ أي الخشبتين بيديك وشُدّ عليهما. فلم أفهم ما قال، فتخلّعت يداي5.

وقال محمد بْن إبراهيم البُوشَنْجيّ: ذكروا أنّ المعتصم لان فِي أمر أحمد لما عُلّق فِي العُقابين، ورأى ثُبوته وتصميمه وصلابته فِي أمره، حَتَّى أغراه ابن أبي دُؤاد وقال له: إن تركْتَه قيل إنك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015