وقال أبو داود: ليس بشيء. وكذبه محمد بْن عَوْف. قلت: وقد روى عنه البخاريّ في كتاب الأدب، ومات بمصر في رمضان سنة ثمان وثلاثين. وقال أخو محمد بْن إبراهيم، وقد مرّ أبوهما آنفًا. قال أبو حاتم بعد قوله: لا بأس به: لكنّهم يحسدونه.

53- إسحاق بْن إبراهيم بْن مُصْعَب الخُزاعي1 الأمير ابن عم طاهر بن الحسين الأمير. وكان يعرف بصاحب الْجَسْر. ولي إمْرَة بغداد مدّة طويلة، أكثر من ثلاثين سنة، وعلى يده أمِتحن العلماء بأمر المأمون وأكْرِهوا على القول بخلْق القرآن.

وكان خبيرًا صائمًا سائسًا2 حازمًا وافر العقل، جودًا ممدَّحًا، له مشاركة في العِلْم. حكى المسعوديّ في ذكر وفاته قال: حدَّث عنه موسى بْن صالِح بْن شيخ بن عُمَيْرَة أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النّوم يقول له: أَطْلِقِ القاتل. فارتاع وأمرَ بإحضار السِّنْدِيّ وعيّاش، فسألهما: هل عندكما مَنْ قَتَلَ؟ قال عيّاش: نعم. وأحضروا رجلًا فقال: إنْ صَدَقْتَنِي أَطْلقتُك.

فابتدأ يحدّثه بخبره، وذكر أنه هو وجماعة كانوا يفعلون الفواحش، فلمّا كان أمس جاءتهم عجوز تختلف إليهم للفساد، فجاءتهم بصبيّة بارعة الجمال. فلمّا توسّطت الدّار صرخت صرخةً وَغُشِيَ عليها، فبادرتُ إليها فأدْخَلتها بيتًا وسكَّنتُ روعها، فقالت: اللَّهَ اللَّهَ فيَّ يا فتيان، خَدَعَتْنِي هذه وأخذتني بزَعْمها إلى عُرْس، فهجمتْ بي عليكم، وجدّي رسول اللَّه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، وأُميّ فاطمة، فاحفظوهما فيّ. فخرجتُ إلى أصحابي فعرّفتهم، فقالوا: بل قضيتَ أرَبَك.

وبادروا إليها، فَحُلْتُ بينهم وبينها، إلى أن تفاقم الأمرُ، ونالتني جراح، فعمدتُ إلى أشدِّهم في أمرها فقتلته وأخرجتها. فقالت: سترك اللَّه كما سترتني. فدخل الجيرانُ وَأُخِذْتُ. فأطلقه إسحاق.

تُوُفِيّ لستٍ بقيت فِي ذي الحجّة سنة خمس وثلاثين ومائتين. وولي بعده ابنه محمد. وذكره ابن النجار في تاريخه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015