وقال أبو الفضل الرِّياشيّ: كتب ملك الروم -لعنه الله- إلى المعتصم يتهدّده، فأمرَ بجوابه، فلمّا قُرئ عليه الجواب لم يرضه. وقال للكاتب: "اكتب بسم الله الرحمن الرحيم أمّا بعد، فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك، والجواب ما ترى لا ما تسمع، وسيعلم الكافر لمن عُقْبَى الدار".

وقال أبو بكر الخطيب، وغيره: غزا المعتصم بلاد الروم سنة ثلاثٍ وعشرين، فأنكى في العدّو نكايةً عظيمة، ونصَب على عَمّورِية المجانيق، وفتحها، وقتل ثلاثين ألفًا، وسبى مثلهم، وكان في سَبْيه ستّون بِطْريقًا، ثمّ أحرق عَمُّورِية.

قال خليفة: وفي هذه السنة أُتِيَ ببابَك الخُّرْميّ أسيرًا، فأمر بقطع أربعته وصلبه.

قلت: كان من أَهْيب الخلفاء وأعظمهم، لولا ما شان سُؤْددَه بامتحان العلماء بخلْق القرآن، نسأل الله السّلامة.

قال نفطويه: للمعتصم مناقب كثيرة. وكان يقال له: المثمّن فإنه كان ثامن الخلفاء من بني العبّاس، ومَلَك ثمان سنين وثمانية أشهر، وفتح ثمانية فتوح: بلاد بابَك على يد الأفشين، وفتح عَمُّورِية بنفسه، والزُّطّ بعُجَيْف، وبحر البصّرة، وقلعة الأحراف، وأعراب ديار ربيعة، والشّاري، وفتح مصر. وقتل ثمانية أعداء: بابَك، وباطيش، ومازَيار، ورئيس الزّنادقة، والأفشين، وعُجَيْفًا، وقارون، وقائد الرافضة.

وإنّما فتح مصر قبل خلافته.

وزاد غير نَفْطَوَيْه: إنّه خَلّف من الذَّهب ثمانية آلاف ألف دينار، ومن الفضّة الدّراهم مثلها.

وقيل: ثمانية عشر ألف ألف. ومن الخيل ثمانين ألف فَرَس، وثمانية آلاف مملوك، وثمانية آلاف جارية. وبنى ثمانية قصور، وقيل: بل بلغ عدد غلمانه التُّرْك ثمانية عشر ألفًا.

وعن أحمد بن أبي دُؤاد قال: استخرجت من المعتصم في حَفر نهر الشّاش ألفي ألف، غير أنّه كان إذا غضب لا يُبالي من قتلَ.

وقال إسحاق المَوْصِليّ: دخلت عليه وعنده قَيْنَةٌ تغني. فقال: كيف تراها؟ قلت: تقهر الغناء برِفْق، وتختله برِفْق، وتخرج من الشيء إلى أحسن منه. وفي صوتها شجًى وشذور أحسن من الدُّرّ على النُّحور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015