الدَّنانير فقال لي: لك من هذا المال نصفه وتعدِّل شاهدي؟. فقلت: استجبت لك، وشُهودُهُ عندنا غير مستورين.

وقال حنبل: حضرتُ أبا عبد الله وابن معين عند عفّان بعدما دعاه إسحاق بْن إبراهيم، يعني نائب بغداد للمحنة، وكان أوّل من امتُحِن من النّاس عفّان، فسأله يحيى بْن مَعِين فقال: أخبِرْنا.

فقال: يا أبا زكريّا لَمْ أُسَوِّد وجهك ولا وجوه أصحابك، أيْ لم أُجِبْ.

فقال لَهُ: فكيف كَانَ؟

قَالَ: دعاني إسحاق، فلمّا دخلت عَلَيْهِ قرأ عليّ كتاب المأمون، فإذا فيه: امتحِنْ عفَّان وادْعُهُ إلى أن يَقُولُ: القرآن كذا وكذا.

فإن قَالَ ذَلكَ فأقِرَّه عَلَى أمره، وإلّا فاقطع عَنْهُ الَّذِي يجري عَلَيْهِ، وكان المأمون يُجري عَلَيْهِ خمسمائة دِرهم كلَّ شهر.

قَالَ: فقال لي إسحاق: ما تَقُولُ؟ فقرأت عَلَيْهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] حتى ختمتُها. فقلت: أمخلوقٌ هذا؟.

قَالَ: يا شيخ إنَّ أمير المؤمنين يَقُولُ: إنّك إن لم تُجِبْه يقطع عنك ما يجري عليك.

فقلت لَهُ: يَقُولُ اللَّه تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] فسكتَ وانصرفت.

فَسُرَّ بذلك يحيى بْن مَعِين، وأحمد، ومَن حضَر.

وقال إبراهيم بْن دِيزِيل: لما دُعي عفّانُ للمحنة كنت آخذًا بلجام حماره، فلما حضر عُرِض عَلَيْهِ القول فامتنع، فقيل لَهُ: يُحبس عطاؤك، وكان يُعطى ألف دِرهم كلّ شهر، فقال: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: 22] .

قَالَ: وكان في داره نحو أربعين إنسانًا. فَدَقّ عَلَيْهِ الباب داقّ، فدخل عَلَيْهِ رَجُل شبهته بسمان أو زيات، ومعه ألف درهم، فقال: يا أبا عثمان ثبّتك اللَّه كما ثبّت الدِّين، وهذا لك في كلّ شهر، يعني الألف.

وقال جعفر بْن محمد الصّائغ: اجتمع عفّان، وعليّ بْن المَدِينيّ، وأبو بَكْر بْن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015